- اننا نضع نقودنا في صناديق حديد مقفلة، ومع ذلك كثيراً ما تقع فينا السرقة.
- اننا نقطع يد السارق كما أمر به الله تعالى وعلى وفق ما تتطلبه عدالة الشريعة.
- فاذاً كثيرون منكم قد حرموا من احدى ايديهم!
- ما رأيت الاّ قطع يد واحدة، وقد بلغت ُالخمسين من العمر.
- ان في بلادنا يسجن يومياً مايقارب الخمسين من الناس بسبب السرقة، ومع ذلك لا يردعهم ذلك إلاّ بواحد من ألف مما تردعه عدالتكم!
- لقد اهملتم حقيقة عظيمة وغفلتم عن سرّ عجيب عريق، لذا تحرمون من حقيقة العدالة؛ اذ بدلاً من المصلحة الانسانية تتدخل فيكم الاغراض الشخصية والمحسوبيات والتحيز وما الى ذلك من الامور التي تغيّر طبيعة الاحكام وتحرّفها.
وحكمة تلك الحقيقة هي:
ان السارق فينا في اللحظة التي يمد يده للسرقة يتذكر اجراء الحدّ الشرعي عليه، ويخطر بباله انه أمر الهي نازل من العرش الاعظم، فكأنه يسمع بخاصية الايمان بأذن قلبه ويشعر حقيقةً بالكلام الازلي الذي يقول: ﴿والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما﴾(المائدة:38) فيهيج عنده ما يحمله من ايمان وعقيدة، وتثار مشاعره النبيلة، فتحصل له حالة روحية اشبه ما يكون بهجوم يُشن من اطراف الوجدان واعماقه على ميل السرقة، فيتشتت ذلك الميل الناشئ من النفس الأمارة بالسوء والهوى، وينسحب وينكمش، وهكذا بتوالي التذكير هذا يزول ذلك الميل الى السرقة، اذ الذي يهاجم ذلك الميل ليس الوهم والفكر وحدهما وانما قوى معنوية من عقل وقلب ووجدان، كلها تهاجم دفعة واحدة ذلك الميل والهوى فبتذكر الحد الشرعي يقف تجاه ذلك الميل زجرٌ سماوي ورادع وجداني فيسكتانه.
اجل! ان الايمان يقيم دائماً في القلب والعقل حارساً معنوياً اميناً، لذا كلما صدرت ميول فاسدة عن تطلعات النفس والنوازع والاحاسيس المادية قال لها ذلك الحارس الرادع: محظور.. ممنوع.. فيطردها ويهزمها.
ان افعال الانسان انما تصدر عن تمايلات القلب والمشاعر وهي تنبعث من شدة تحسس الروح وحاجتها، والروح انما تهتز بنور الايمان، فان كان خيراً يفعله الانسان، وإلاّ يحاول الانسحاب ، وعندئذٍ لا تغلبه النوازع والاحاسيس المادية التي لا ترى العقبى!
الحاصل:
ان "الحد" أو "العقاب" عندما يقام امتثالاً للأمر الالهي والعدل الرباني فان الروح والعقل والوجدان واللطائف المندرجة في ماهية الانسان تتأثر به وترتبط