وفي ضوء هذه الحقيقة اقول وبكل اطمئنان واقتناع:
ان اوروثا وامريكا حَبَالى بالاسلام، وستلدان يوماً ما دولة اسلامية، كما حَبِلت الدولة العثمانية باوروثا وولدت دولة اوروثية.
ايها الاخوة في الجامع الاموي، ويا اخواني في الجامع الاسلامي بعد نصف قرن! أفلا تنتج المقدمات التي أسلفنا ذكرها حتى الآن:
أن الاسلام وحده سيكون حاكماً على قارات المستقبل حكماً حقيقياً ومعنوياً وان الذي سيقود البشرية الى السعادتين الدنيوية والاخروية ليس الاّ الاسلام والنصرانية الحقّة المنقلبة الى الاسلام والمتفقة معه والتابعة للقرآن بعد تحررها من التحريفات والخرافات!
الجهة الثانية: ان الاسلام مستعد للرقي المادي:
ان الاسباب القوية التي تدفع الاسلام الى الرقي تبين أن الاسلام سيسود المستقبل مادياً ايضاً.
فكما اثبتنا في الجهة الاولى استعداد الاسلام معنوياً للرقي تُظهر هذه الجهة اظهاراً واضحاً استعداد الاسلام للرقي المادي وسيادته في المستقبل. لأن في قلب الشخصية المعنوية للعالم الاسلامي قد اجتمعت وامتزجت خمس قوىً لا تُقهر، وهي في منتهى الرسوخ والمتانة(1):
القوة الاولى:
"الحقيقة الاسلامية" التي هي استاذ جميع الكمالات والمثل، الجاعلة من ثلاثمائة وخمسين مليون مسلم كنفسٍ واحدة والمجهّزة بالمدنية الحقيقية والعلوم الصحيحة، ولها من القوة ما لا يمكن ان تهزمها قوة مهما كانت.
القوة الثانية:
-------------------------------------------------------------------
(1) نعم نفهم من استاذية القرآن واشارات درسه: ان القرآن بذكره معجزات الانبياء، انما يدل البشرية على ان نظائر تلك المعجزات سوف تتحقق في المستقبل بالترقي، ويحث الانسان على ذلك وكأنه يقول له: هيا اعمل وإسعَ لتنجز امثال هذه المعجزات، فاقطع مثلاً مسافة شهرين في يوم واحد كما قطعها سليمان عليه السلام، واعمل على مداواة اشد الامراض المستعصية كما داواها عيسى عليه السلام، واستخرج الماء الباعث على الحياة من الصخر وانقذ البشرية من العطش كما فعله موسى عليه السلام بعصاه. وابحث عن المواد التي تقيك شر الحرق بالنار، وألبسها كما لبسها ابراهيم عليه السلام. والتقط أبعد الاصوات واسمعها وشاهد الصور من اقصى المشرق والمغرب كما فعل ذلك بعض الانبياء. وألِن الحديد كالعجين كما فعله داود عليه السلام، واجعل الحديد كالشمع في يدك ليكون مداراً لجميع الصناعات البشرية، كما تستفيدون فوائد جمة من الساعة والسفينة اللتين هما من معجزات سيدنا يوسف وسيدنا نوح عليهما السلام. فاعملوا على محاكاتهما وتقليدهما. وهكذا قياساً على هذا نجد أن القرآن الكريم يسوق البشرية الى الرقي المادي والمعنوي، ويلقي علينا الدروس ويثبت انه أستاذ الجميع. المؤلف.