الخطبة الشامية | الكلمة الاولى | 9
(1-47)

"الحاجة الملحة" التي هي الاستاذ الحقيقي للمدنية والصناعات والمجهّزة بالوسائل والمبادئ الكاملة.. وكذا "الفقر" الذي قصم ظهرنا. فالحاجة والفقر قوتان لاتسكتان ولا تُقهران.
القوة الثالثة:
"الحرية الشرعية" التي ترشد البشرية الى سبل التسابق والمنافسة الحقّة نحو المعالي والمقاصد السامية، والتي تمزق انواع الاستبداد وتشتتها، والتي تهيّج المشاعر الرفيعة لدى الانسان، تلك المشاعر المجهّزة بانماط من الاحاسيس كالمنافسة والغبطة والتيقظ التام والميل الى التجدد والنزوع الى التحضر. فهذه القوة الثالثة: "الحرية الشرعية" تعني التحلي باسمى ما يليق بالانسانية من درجات الكمال والتشوق والتطلع اليها.
القوة الرابعة:
"الشهامة الايمانية" المجهّزة بالشفقة والرأفة. أي: ان لايرضى الذلّ لنفسه امام الظالمين، ولا يلحقه بالمظلومين. وبعبارة اخرى: عدم مداهنة المستبدّين وعدم التحكم بالمساكين أو التكبّر عليهم، وهذا أساس مهم من اسس الحرية الشرعية.
القوة الخامسة:
"العزة الاسلامية" التي تعلن اعلاء كلمة الله. وفي زماننا هذا يتوقف اعلاء كلمة الله على التقدم المادي والدخول في مضمار المدنية الحقيقية. ولاريب ان شخصية العالم الاسلامي المعنوية سوف تدرك وتحقق في المستقبل تحقيقاً تاماً ما يتطلـبه الايـمان من الحفـاظ على عزة الاسلام..
وكما ان رقي الاسلام وتقدمه في الماضي كان بالقضاء على تعصب العدو وتمزيق عناده ودفع اعتداءاته.. وقد تم ذلك بقوة السلاح والسيف. فسوف تُغلب الاعداء ويُشتت شملهم بالسيوف المعنوية - بدلاً من المادية - للمدنية الحقيقية والرقي المادي والحق والحقيقة.
اعلموا أيها الاخوان!
ان قصدنا من المدنية هو محاسنها وجوانبها النافعة للبشرية، وليس ذنوبها وسيئاتها، كما ظن الحمقى من الناس أن تلك السيئات محاسن فقلّدوها وخرّبوا الديار، فقدموا الدين رشوة للحصول على الدنيا فما حصلوا عليها ولا حصلوا على شئ.
انه بطغيان ذنوب المدنية على محاسنها، ورجحان كفة سيئاتها على حسناتها، تلقت البشرية صفعتين قويتين بحربين عالميتين، فأتتا على تلك المدنية الآثمة،

لايوجد صوت