رائد الشباب | توجيه الشباب | 28
(1-70)
ومعنى هذه الواقعة هو ان الجبلين هما مبدأ الحياة ومنتهاها أي عالم الدنيا وعالم البرزخ، وتلك القنطرة هي طريق الحياة، واليمين هو الزمن الماضي والشمال هو الاستقبال، وتلك الكهرباء اليدوية هي الأنانية التي تعجب بنفسها وتتكل على علمها ولا تلقي بالاً إلى العلوم السماوية، وتلك الحيوانات المفترسة هي الحادثات والمصائب وعجائب الكون.

فالذي يتكل على كيانه ويقع في ظلمات الغفلة والضلالة يشبه حالي الأول في هذه الواقعة. حيث انه يرى بعلمه الجزئي الضئيل الذي هو أشبه بالكهرباء اليدوية، الزمن الماضي مقبرة كبيرة، وظلمات عدم، ويرى الاستقبال موحشاً تلعب به الأعاصير والصدف، ويتخيل بأن الحادثات الكونية التي تعمل بأمر الحكيم الرحيم كأنها حيوانات مضرة فتنطبق عليه آية: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ .

وإذا امدته العناية الإلهية بالهداية ودخل قلبه نور الايمان وتحطمت فرعنة النفس واستمع إلى كتاب الله فيشبه حاله حالي الثاني في الواقعة، فيشرق الكون ويملأ بنور الله تعالى ويقرأ آية: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ وحينئذ لا يتخيل بأن الزمن الماضي مقبرة بل يرى ان الأرواح الطيبة الصالحة في كل عصر أدت وظيفة عبوديتها وواجب حياتها تحت قيادة نبي او طائفة من الأولياء وقالت الله اكبر، وطارت نحو المقامات العلى وذهبت نحو الاستقبال. وينظر نحو الشمال فيرى بمنظار الايمان من بعيد وراء بعض الانقلابات البرزخية مثل الجبال قصور السعادة في بساتين الجنان. ويدرك بأن أمثال الأعاصير والزلازل والطاعون من حوادث الكون ماهي إلا عوامل تعمل بأمر الحق جل وعلا. وان أمثال الأعاصير والأمطار في فصل الربيع وان كانت تبدو قاسية إلا أنها في الواقع محور لحكم عالية. حتى أنه يرَى الموت مقدمة لحياة أبدية والقبر باباً مفتوحاً لسعادة سرمدية وقس مابقي على هذا.
لايوجد صوت