رائد الشباب | توجيه الشباب | 30
(1-70)
النقطة الرابعة

ان الإيمان يجعل الانسان انساناً بل سلطاناً. لذلك كان أساس واجبه هو الايمان بالله تعالى والدعاء والابتهال له. والكفر يجعل من الإنسان بجانب عجزه حيواناً مفترساً.

ومن بين ألوف الدلائل لذلك التفاوتُ بين مجيء الحيوان والانسان إلى دار هذه الدنيا التفاوت الذي هو دليل قاطع على هذه المسئلة.

نعم التفاوت بين مجيء الحيوان والانسان إلى هذه الدنيا يدل على ان الانسانية انما هي بالايمان وحده وذلك لأن الحيوان حينما يجيء إلى الدنيا يجيء وكأنه قد تم واستوى في عالم آخر حسب استعداده فيتعلم في ظرف ساعتين او يومين أو في مدة شهرين شرائط الحياة ومناسبته مع أفراد الكون وقوانين الحياة وتحصل له ملكة. فيتعلم بطريق الإلهام مثلاً: العصفور أو النحلة ونحوهما في ظرف عشرين يوماً مالا يتعلمه الانسان الا في ظرف عشرين سنة من القدرة على السلوك في الحياة والعمل. فوظيفة الحيوان الأساسية ليست هي النبوغ والترقي بكسب العلم والمعرفة ولا الاستعانة والدعاء باظهار العجز والفقر وانما وظيفته الأساسية هو العمل والجد – أي العبودية الفعلية.

اما الانسان فيجيء إلى الدنيا وهو محتاج إلى تعلم كل شيء لانه لايعلم شيئاً من قوانين الحياة وشرائطها ولايمكن أن يتعلمها بكاملها في مدة عشرين سنة. بل يبقى إلى آخر أيامه وهو مفتقر إلى كسب العلم والمعرفة. وإلى جانب ذلك يبعث إلى هذه الحياة في غاية من العجز والفقر فلا يمكن ان يقوم على رجليه الافي ظرف سنة أو سنتين ولا يميز بين النفع والضر الافي مدة خمسة عشر سنة. ثم بعد ذلك يمكن أن يقوم بجلب منافعه ودفع مضاره بالتعاون مع بني نوعه. فيتضح من هذا ان وظيفة الانسان الفطرية انما هي النبوغ والترقي بطريق كسب العلم والمعرفة والدعاء والعبودية. أي إدراك رحمةِ من يُعينه بهذه الحكمة، وكرم من يربيه بهذا العطف وتصور انه كيف يربي بهذه التربية اللطيفة، والتضرع بلسان العجز والفقر إلى قاضي الحاجات كي يقضي حاجاته الكثيرة التي لاتصل يده إلى واحدة من الألف منها. والابتهال والدعاء إلى الله تعالى أي التحلق بجناحي العجز والفقر إلى مقام العبودية.
لايوجد صوت