رائد الشباب | توجيه الشباب | 34
(1-70)
البحث الثاني

هو عباردة عن خمس نكت تدور حول سعادة الانسان وشقائه

ان الانسان خلق في أحسن تقويم وجهز باتم استعداد فلذلك يمكن –وهو متعرض للبلاء في هذه الدنيا التي بعث اليها- ان يرقي من أدنى المقامات إلى أعلاها وان يتدنى من اعلاها إلى أدناها تلك المقامات التي هي مصطفة من الفرش إلى العرش. وسنبين أسباب تدنيه وترقيه على هذا الطرز في خمس نكت.

النكتة الأولـى

إن الانسان محتاج إلى أكثر انواع الكائنات وبينها وبينه ارتباط وقد بثت مطالبه في جميع انحاء الكون وامتدت آماله إلى الأبد فهو كما يطلب الزهرة يطلب الربيع وكما يتمنى الحدائق والبساتين يتمنى الجنة الباقية. وكما يحن إلى رؤية صديقه يحن إلى رؤية جمال الله تعالى. وكما هو محتاج إلى فتح باب غرفة اخرى فيها صديقه الذي يريد أن يزوره؛ فكذلك محتاج إلى التضرع إلى باب قدير مطلق يقتدر على ان يغلق باب هذه الدنيا ويفتح باب الآخرة محشر العجائب حتى يتمكن من زيارة أخلائه وأصدقائه الذين هاجروا إلى تلك الدار بسنبة تسع وتسعين في المائة، ويتخلص من الفراق الأبدي.

وقد اتضح من هذا أن المعبود الحقيقي للانسان انما يمكن أن يكون من هو القدير ذو الجلال والرحيم ذو الجمال والحكيم ذو الكمال الذي بيده مقاليد كل شيء وعنده خزائن كل شيء، والذي هو رقيب على كل شيء وحاضر في كل مكان ومنزه عن المكان ومبرأ عن العجز، ومقدس عن القصور ومعلي عن النقص. لأن الذي يقضي الحاجات الانسانية الغير المتناهية انما يمكن أن يكون من هو ذو قدرة وعلم محيطين. فاللائق للعبادة هو تعالى ليس إلا.
فيا أيها الانسان! ان كنت عبداً له وحده فزت بأعلى المقامات. وان تركت العبودية صرت عبداً ذليلاً للكائنات وان اتكلت على كيانك وقوتك وتركت التوكل والدعاء وتكبرت وزغت عن طريق الحق والصواب تكون من ناحية الخير والابداع أدنى من النمل والنحل وأضعف من العنكبوت والذباب وتكون من ناحية الشر والتخريب أثقل من الجبل وأضر من الطاعون.
لايوجد صوت