نعم ان الله جل جلاله اعطى الانسان (انا) ليصيره واحداً قياسياً على سبيل الفرض والتوهم لاعلى سبيل العلم حتى يفهم اوصاف الربوبية.
ولعلك تتساءل عن حكمة جعل (انا) مقياساً لمعرفة صفات الحق واسمائه؟
والجواب: انه لما لم يكن حدود ونهايات للشيء المطلق والمحيط المطلق، لايعطى له اي شكل، ولايتعين بوجه من الوجوه ولاتدرك ماهيته. مثلاً: كما لاتدرك ماهية الضياء المطلق، ولايحس بوجودها، الا اذا خط من الظلام الحقيقي او الوهمي، فكذلك صفات الحق (مثل العلم والقدرة) واسماؤه (مثل الحكيم والرحيم) بما انها محطية لاحدود لها ولامثيل لايحكم عليها، ولاتعرف ماهي، ولا تدرك – فيلزم لذلك خط فرضي وهي الانانية. فانها تتصور لنفسها ربوبية خيالية وملكاً وقدرة وعلماً. وتضع بينها وبين الصفات المحيطة حدوداً فرضية فتقول من هنا إلى هناك لي ومن بعده هو لتلك الصفات.. فتتهيأ لادراك معرفة الصفات شيئاً فشيئاً بماعندها من الموازين. مثلاً: يعرف بربوبيته الموهومة التي يتصورها في دائرة ملكه، ربوبية الله تعالى في دائرة الممكنات. ويدرك بمالكيته السطحية مالكية الله تعالى الحقيقية. فيتصور بانه كما اني مالك لهذه الدار، فكذلك خالق الكائنات مالك لدار الكائنات. ويدرك بواسطة علمه الجزئي، علم الله تعالى الكلي. وبصنعته التي تعلمها صنعة الله البديعة. ويقول كما انشئت هذه الدار وجعلت لها نظاماً – فكذلك يوجد من انشأ دار هذه الدنيا، وجعل لها نظامها البديع وهكذا إلى آخر الوف الاسرار والصفات المندرجة في انا التي تشير إلى الصفات الالهية.
فاذا انا شعرة حساسة من حبل جسم الانسان الجسيم، وخيط دقيق من ثوب حقيقة البشر، والف من كتاب شخصية ابن آدم... ولـ(انا) وجهان:
وجه ينظر إلى الخير والوجود، يتلقى الفيض ويقبله... ولكن لايفعله. لان يده قصيرة لاتملك قدرة الايجاد.