رائد الشباب | توجيه الشباب | 51
(1-70)

فالوجه الذي ينظر إلى النبوة هو منشأ العبودية المحظة يعني أنا من هذه الجهة يعلم أنه عبدالله تعالى لابد ان يكون في عبادته وطاعته، وان وجوده مثل وجود الحرف اي يدل على معنى في غيره ووجوده ليس قائماً بذاته بل بالغير ويعلم ان مالكيته للاشياء وهمية وانما يتملكها حسب الظاهر باذن من مالكها.. ووجوده ظل لحقيقة الواجب الوجود، وانه ميزان لمعرفة صفات الخالق. والاصفياء والاولياء الذين هم في هذه السلسلة نظروا إلى أنا من هذه الجهة وفهموا الحقيقة وفوضوا الملك جميعه إلى الله تعالى وحكموا بان لاشريك ولانظير له لافي ملكه ولافي ربوبيته ولافي الوهيته ولايحتاج إلى معين ووزير. بيدة مقاليد كل شيء. وهو على كل شيء قدير. وليست الاسباب سوى حجب ظاهرية والطبية شريعة فطرية ومجموعة قوانين ومصدرة للقدرة. فأنا من هذا الوجه وضيىء حي وبذرة ذات مغزى منه خلق الله تعالى شجرة العبودية وزين جميع فئات الناس باغصانها الوضيئة، وبدد بها ظلمات العصور الماضية. واثبت بأنها أي العصور ليست مقبرة لاولئك الذين فارقوا الحياة الدنيا كما تعتقده الفلسفة، وانما هي محط وطريق إلى السعادة الابدية وسلم إلى الصعود إلى الملأ الاعلى... وروضة استجمام للذين تركوا عبأ الحياة وذهبوا إلى ربهم.

والوجه الذي ينظر إلى الفلسفة هو منشأ العصيان والضلال لان الفلسفة تنظر إلى أنا بالمعنى الاسمى وتعتقد بان وجوده قائم بذاته وانه يعمل على حساب نفسه وانه موجود وجوداً حقيقياً وليس ظلاً. وان له حقاً في الحياة وانه المالك الحقيقي في دائرة تصرفه وان له حقيقة ثابتة وان وظيفته التسامي الذاتي الناشيء من حب الذات. إلى آخر ما تعتقده من الاوهام والخرفات المستندة إلى الاصول الفاسدة والاسس المنهارة. كما اوضحناه في كثير من رسائلنا لاسيما في المقالة الثانية عشر والخامسة والعشرين. ويعتقد حتى دهاة الفلاسفة كأفلاطون وارسطو وابن سينا والفارابي ان الغاية القصوى للانسانية هو التشبه بواجب الوجود والصعود في سلالم الربوبية. فاطلقوا سراح الانانية في اودية الشرك وفتحوا باب الميدان لعباد الاسباب والاوثان والطبيعة والكواكب. وسدوا باب العجز والضعف والفقر والاحتياج التي هي مندمجة في ماهية البشر، واغلقوا طرق العبودية وتوغلوا في اوحال الطبيعة فلم يتخلصوا من الشرك ولم يهتدوا إلى الحق سبيلاً.

لايوجد صوت