رائد الشباب | توجيه الشباب | 50
(1-70)

 واذا عرفت هذه المقدمة فاعلم ان في تاريخ البشرية سلسلتين تسلسلتا منذ زمن آدم عليه السلام إلى عصرنا هذا وقد عمتا جميع فئات الناس وطبقاتهم. احداهما سلسلة النبوة والدين... والاخرى سلسلة الفلسفة والحكمة. وحينما امتزجت هاتان السلسلتان وصارت الفلسفة تابعة للدين وخادمة له عاش مجتمع الانسانية في صفاء ورجاء. وحينما افترقتا اجتمع الخير والنور حول النبوة، وتكتلت الشرور والضلالات حول الفلسفة. نعم حينما ابت الفلسفة ان تكون تابعة للدين وخادمة له عادت الفلسفة شجرة خبيثة نبت حولها ظلمات الشرك والضلالة وتعطى من غصن القوة العقلية حناظل الدهريين والماديين والطبيعين وتضعها في ايدي عقول البشر. وترمي من غصن القوة الغضبية حناظل النماريد والفراعنة والشدادين في وجه البشر(1) وتربى في غصن القوة الشهوية حناظل الآلهة والاصنام. هذا جانب سلسلة الفلسفة.

واما جانب سلسلة النبوة تلك الشجرة الطيبة فكما ينبت في غصن قوتها العقلية الانبياء والمرسلون والاولياء والصديقون كذلك ينبت في غصن قوتها الدافعة ثمرة عدول الحكام والملوك وفي غصن قوتها الجاذبة ذوو الاخلاق الحسنة والمروءة والكرم الذين يبرهنون على ان الانسان هو الثمرة الوحيدة لشجرة الكون.

ويجب علينا ان نمعن النظر حتى نعرف مصدر تينك السلسلتين نعرف ان مصدرهما هو أنا ذو الوجهين. وبيان ذلك ان (انا) له وجهان احدهما ينظر إلى النبوة، والآخر ينظر إلى الفلسفة.


(1)  نعم! إن الذي أرضع الفراعنة والنماريد وسبب في تكوينهم كان الفلسفة القديمة لـ(مصر وبابل) القديمين، التي كانت قد ارتقت إلى درجة السحر، او توهم أنها سحر –لما أنها كانت غير شاملة-؛ فكذلك إن الذي ولد الآلهة في عقول اليونان القديم وولد الأصنام هو منقع الفلسفة الطبيعية ووحلها.

    نعم! إن الانسان الذي لايرى نور الله بتوسط ستار الطبيعة – يمنح كل شيء نوع ألوهية ويسلطه على رأسه.

لايوجد صوت