الثاني: باسمه الشخصي، وليس باسم السلطنة، ولا بعنوان السلطان، فيتكلم كلاماً خاصاً، بهاتفه الخاص، في أمر خاص، وفي معاملة جزئية، مع خادمه الخاص او مع أحد رعيته من العوام.
وكذلك كلام سلطان الازل سبحانه وتعالى. فله كلام بالوحي والالهام الشامل - الذي يقوم بوظائف الوحي - يتكلم باسم رب العالمين، وبعنوان خالق الكون. وله ايضاً طراز آخر من الكلام، وبشكل خاص، ومن وراء حجب واستار، مع كل فرد ومع كل ذي حياة، حسب قابلياتهم، وذلك لكونه ربهم وخالقهم.
الفرق الثاني:
ان الوحي صاف، ودون ظل، خاص للخواص. أما الالهام ففيه ظل واختلاط ألوان. وهو عام وله اشكال متنوعة ومتفاوتة جداً؛ كإلهامات الملائكة، وإلهامات الانسان، والهامات الحيوانات. وهي بأنواعها المختلفة واشكالها المتباينة جداً، تبين مدى سعة وكثرة الكلمات الربانية التي تزيد على عدد قطرات البحار.. ففهم السائح من هذا وجهاًً من تفسير الآية الكريمة:﴿قل لو كان البحرُ مداداً لكلمات ربّي لَنَفِدَ البحرُ قبلَ أن تنفَدَ كلماتُ ربي..﴾(الكهف: 109).
ثم نظر الى ماهية الالهام يستبطن سره ويتعرف على حكمته وشهادته، فرأى ان ماهيته، وحكمته، ونتيجته، تتركب من اربعة أنوار:
النور الاول: انه مثلما يتودد الله سبحانه الى مخلوقاته عن طريق افعاله فيهم الذي يُعرف (بالتودد الإلهي) فان من مقتضيات الودودية والرحمانية (اي كونه ودوداً ورحمان) ان يتحبب اليهم ويتودد قولاً وحضوراً وصحبة ايضاً.
النور الثاني: انه مثلما يستجيب سبحانه الى دعاء عباده بأفعاله. فان من شأن الرحيمية إجابته لهم قولاً ايضاً من وراء الحجب.