واشارة الى المعرفة الايمانية مما استفاد هذا السائح من العقول المستقيمة والقلوب المنوّرة ذكر في المرتبة الثالثة عشرة من المقام الاول ما يأتي:
[لا إله إلاّ الله الواجب الوجود الذي دلّ على وجوب وجوده في وحدته: اجماع العقول المستقيمة المنوّرة، باعتقاداتها المتوافقة وبقناعاتها، ويقيناتها المتطابقة، مع تخالف الاستعدادات والمذاهب، وكذا دلّ على وجوب وجوده في وحدته اتفاق القلوب السليمة النورانية، بكشفياتها المتطابقة وبمشاهداتها المتوافقة، مع تباين المسالك والمشارب].
* * *
ثم ان ذلك السائح الذي نظر الى عالم الغيب من قريب، وتجوّل في عالمي العقل والقلب، أخذ يطرق باب ذلك العالم بهذا النمط من التفكير: (يا ترى ماذا يقول عالم الغيب ؟) . إذ مادمنا نرى في عالم الشهادة الجسماني هذا، ان المحتجب وراء ستار الغيب سبحانه يعرّف نفسه لنا بهذا القدر الهائل من مصنوعاته المزينة المتقنة ويسوقنا الى محبته بهذا القدر الذي لايحصى من نعمه اللذيذة الطيبة ويخبرنا عن كمالاته الخفية بهذا القدر الزاخر من آثاره الخارقة البديعة.. نعم ان الذي يعرّف نفسه ويحببها فعلاً وبلسان الحال الذي هو أبيَن من الكلام والتكلم؛ لابد انه سيتكلم قولاً وتكلماً مثلما يتكلم فعلاً وحالاً، معرّفاً نفسه ومحبباً ذاته.
لذا خاطب السائح نفسه قائلاً: علينا ان نعرفه سبحانه من مظاهر الوهيته وربوبيته في عالم الغيب. فغاص قلبه في الاعماق ورأى بعين عقله:
ان حقيقة (الوحي الإلهي) مهيمنة كل حين - بظواهر في غاية