الآية الكبرى | الشعاع السابع | 33
(1-108)

الفكر، فرأى ان جميع العقول المستقيمة المنورة تتفق في العقيدة الراسخة الواضحة في الايمان والتوحيد، وتتطابق في اليقين الجازم والاقتناع المطمئن، رغم التباين الواسع في استعداداتها والبعد والمخالفة بين مذاهبها. أي أنها استندت وارتبطت بعقيدة لاتتبدل، ودخلت في حقيقة عريقة لا تنفصم؛ لذا فان إجماع هذه العقول في الايمان، والوجوب، والتوحيد انما هو سلسلة نورانية لاتنقطع، ونافذة واسعة وضّاءة مطلة على الحقيقة.
ورأى كذلك ان جميع القلوب السليمة النورانية تتوافق فيما بينها في كشفياتها ومشاهداتها - التي هي ذات اتفاق واطمئنان وانجذاب - في اركان الايمان، وتتطابق في التوحيد، رغم تباعد مسالكها وتباين مشاربها. أي ان كل قلب من هذه القلوب النورانية عرش صغير جداً تستوي عليها المعرفة الربانية، وهي مرآة جامعة لأنوار التجليات الصمدانية، بما يقابل الحقيقة ويوصل اليها، ويتمثل بها، فهي اذاً نوافذ مفتوحة تجاه شمس الحقيقة. أي ان مجموع هذه القلوب يشكل معاً مرآة عظمى واسعة كالبحر أمام تلك الشمس.
وان اتفاق هذه القلوب والعقول واجماعها في وجوب وجوده سبحانه، وفي وحدانيته لهو دليل أكمل ومرشد اكبر لايتحير ولايحيّر؛ اذ ليس هناك إمكان قط ولا إحتمال قطعاً - في أية جهة كانت - ان يخدع وهمٌ لاحقيقة له، وفكرٌ لايمت الى الحقيقة بصلة، وصفةٌ لا اصل لها، جميع هذه العيون البصيرة النافذة الحادة لهذه الكثرة الكاثرة من ذوي القلوب الصافية والعقول الرزينة، وان يستمر هذا الخداع عبر قرون وبرسوخ تام ! او أن يوقعهم جميعاً في شباك التمويه والغفلة ! فهل هناك من يجد احتمالاً كهذا غير من يحمل عقلاً فاسداً عفناً ؟ بل حتى السوفسطائيون الحمقى الذين ينكرون الكون يردّونه ولا يرضون به !.
هكذا فهم السائح، فقال منسجماً مع عقله وقلبه: آمنت بالله

لايوجد صوت