وكذا خاطب عقله قائلاً: (علينا قبل كل شئ ان نعرف شيئاً عن عظمة هذه الذات المعجزة، وذلك من أحقية أحاديثه، وصدق أخباره ثم نستفسر منه عن خالقنا سبحانه) .. فباشر بالبحث. فوجد على صدق نبوته من الادلة القاطعة الثابتة ما لايعد ولايحصى، ولكنه خلص الى تسع منها:
اولها: هو اتصافه y بجميع السجايا الفاضلة والخصال الحميدة، حتى شهد لها غرماؤه.. وظهور مئات المعجزات منه؛ كانشقاق القمر الذي انشق الى نصفين باشارة من أصبعه كما نص عليه القرآن: ﴿وانشق القمر﴾(القمر:1). وانهزام جيش الاعداء بما دخل أعينهم جميعاً من التراب القليل الذي رماه عليهم بقبضته. كما نصت عليه الآية الكريمة: ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾(الانفال: 17). وارتواء اصحابه من الماء النابع كالكوثر من بين أصابعه الخمسة المباركة عندما اشتد بهم العطش.. وغيرها من مئات المعجزات التي ظهرت بين يديه، والمنقولة إلينا نقلاً صحيحاً قاطعاً أو متواتراً، فاستطلعها السائح الى (المكتوب التاسع عشر) اي رسالة (المعجزات الاحمدية) تلك الرسالة الخارقة ذات الكرامة، المتضمنة لاكثر من ثلاثمائة معجزة من معجزاته y، بدلائلها القاطعة واسانيدها الموثوقة.
ثم حدّث نفسه قائلاً:(ان من كان ذا اخلاق حسنة بهذا القدر وفضائل الى هذا الحد، وذا معجزات باهرة بهذه الكثرة، فلا جرم انه صاحب أصدق حديث.. فلا يمكن أبداً - وحاشاه - ان يتنزل الى درك الحيلة والكذب والتمويه التي هي دأب الفاسدين) .
ثانيها: كون القرآن الذي بيده y معجزاً من سبعة اوجه، ذلك الامر الصادر من مالك الكون الذي يسلّم به ويصدقه اكثر من ثلاثمائة مليونٍ من البشر في كل عصر. ولما كانت (الكلمة الخامسة والعشرون) اي رسالة (المعجزات القرآنية) وهي شمس رسائل النور قد أثبتت بدلائل قوية أن هذا القرآن الكريم معجز من أربعين وجهاً،