ان الايمان والتكليف، امتحان واختبار ومسابقة ضمن دائرة الاختيار، فلا تكون مسائله النظرية المبهمة وغير الصريحة والعميقة والتي هي بحاجة الى الاختبار وانعام النظر فيها، واضحة وضوح البديهة؛ بحيث يصدقها كل أحد سواء أراد أم لم يرد؛ وذلك ليتميز ايمان أبي بكر عن كفر ابي جهل، فيسمو المؤمنون الى أعلى عليين ويتردى الكفار الى أسفل سافلين، اذ لاتكليف بلا اختيار. ولأجل هذه الحكمة تؤتى المعجزات متفرقة وبشكل نادر.
ثم ان في دار التكليف والامتحان تكون علامات القيامة واشراط الساعة التي يمكن مشاهدتها بالعين، مبهمة وغير صريحة ومحتملة التأويل - كبعض المتشابهات القرآنية - عدا (علامة طلوع الشمس من مغربها) فهي واضحة وضوح البديهة، حتى انها تدفع الجميع الى الايمان من دون اختيار، ولذلك ينغلق باب التوبة عندئذ، فلاقيمة للايمان ولاجدوى من التوبة. حيث يتساوى في التصديق من يملك ايماناً كأبي بكر مع أعتى الكفرة كأبي جهل.
بل حتى ان نزول عيسى عليه السلام، ومعرفة كونه هو عيسى عليه السلام لاغيره، انما يعرف بنور الايمان النافذ، ولايستطيع كل واحد معرفته.
بل حتى (الدجال) و(السفياني)(1) من الاشخاص المرعبين الذين
(1) وردت احاديث كثيرة بحق دجال المسلمين الموصوف بـ(السفياني) نذكر منها:
(عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله y: يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق وعامة من يتبعه من كلب، فيقتل حتى يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان فتجمع لهم قيس فيقتلها حتى لا يمنع ذنب تلعة، ويخرج رجل من اهل بيتي في الحرة فيبلغ السفياني، فيبعث اليه جنداً من جنده فيهزمهم فيسير منهم اليه السفياني بمن معه حتى اذا صار ببيداء من الارض خسف بهم فلا ينجو منهم الا المخبر عنهم).
أخرجه الحاكم في المستدرك 4/520 وقال: هذا حديث صحيح الاسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. (كلب: ماء بين الكوفة والشام. يبقر: يفتح - لايمنع ذنب تلعة: لا يخلو منه موضع).
واورده السيوطي في اللآلىء 2/388 والاسفرايني 2/75. وانظر ايضا الى النهاية لابن كثير 1/24ـ 32 وتذكرة القرطبي 609 والاشاعة في اشراط الساعة للبرزنجي 95 ـ 96 والفتاوى الحديثية للهيتمي 27 ـ 34 والحاوي للفتاوى للسيوطي 2/213 وما بعدها.