النقطة الثالثة:
وهي عبارة عن نكتتين:
اولاهما:
ان قسماً من الاحاديث المروية على صورة تشبيهات وتمثيلات تلقّاه العوام بمرور الزمن حقائق مادية، لذا لايبدو في نظرهم مطابقاً لواقع الحال، على الرغم من انه حقيقة ثابتة.
مثلاً: ان الملكين اللذين هما من حملة الارض - كما للعرش حملته - اللذين على صورة (الثور) و(الحوت) وسميا باسمهما قد تصورهما العوام ثوراً ضخماً حقيقياً وحوتاً هائلاً حقيقيا!
ثانيتهما:
ان قسماً من الاحاديث قد ورد من حيث كثرة المسلمين في تلك المنطقة، او من حيث وجود الحكومة الاسلامية هناك، او من حيث مركز الخلافة الاسلامية، لكنه ظُنَّ أنه شامل لجميع المسلمين، ولجميع أنحاء العالم، وعلى الرغم انه خاص من جهة، الا انه تُلقي كلياً وعاماً.
فمثلاً: ورد في الحديث الشريف: (لاتقوم الساعة حتى لايقال في الارض: الله.. الله)(1).
أي: ستغلق ابواب أماكن الذكر، وسيُنادى بالاذان وباقامة الصلاة بالتركية.
النقطة الرابعة:
مثلما حُجبت امور غيبية كالاجل والموت لحكم ومصالح شتى، فان القيامة - التي هي سكرات موت الدنيا واجل البشرية وموت الحيوان - قد أخفيت كذلك لمصالح كثيرة.
اذ لو كان الاجل معيناً وقته، لاختلت الموازنة بين الخوف والرجاء، تلك الموازنة المبنية على مصالح وحكم؛ اذ كان نصف
(1) حديث صحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه، رواه مسلم 148 واحمد والترمذي والحاكم 4/494 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.