سيظهرون مع اشراط الساعة، لايعرفان نفسيهما أنهما (الدجال) و (السفياني) بادئ الامر.
النقطة الثانية:
ان الامور الغيبية التي عُلّمَها الرسول الكريمy ليست سواء، فقسم منها عُلّمَها تفصيلا، فلا تصرّف ولاتدخّل له قط في هذا القسم، كالقرآن الكريم ومحكمات الاحاديث القدسية..
والقسم الآخر قد عُلّمها اجمالا، وترك أمر تصويرها وتفصيلها الى اجتهادهy كالاحاديث التي تدور حول الحوادث الكونية والاحداث المستقبلية التي هي ليست من اسس الايمان.
فالرسول y هو الذي يصور ويفصل ببلاغته - باساليب التشبيه والتمثيل - تلك الامور بما يوافق حكمة التكليف.
فمثلاً: سمع دوي في مجلس الرسول y فقال: ان هذا صوت حجر ظل يتدحرج الى جهنم منذ سبعين سنة، الآن وصل الى قعرها(1) وبعد مرور بضع دقائق على هذا الحدث المثير أتى أحدهم واخبر رسول الله y: ان المنافق الفلاني وهو يناهز السبعين من عمره قد مات وولى الى جهنم وبئس المصير. فأظهر تأويل البلاغة الفائقة لكلام الرسول y.
تنبيه: لايعير نظر النبوة اهتماماً لحوادث المستقبل الجزئية التي لاتدخل ضمن الحقائق الايمانية.
(1) روى مسلم في كتاب الزهد، وصفة الجنة والايمان، عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول اللهy اذ سمع وجبة (اي سقطة) فقال النبي y: تدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله اعلم، قال: هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى الى قعرها) زاد في رواية (فسمعتم وجبتها) (4/2184 - 2185 رقم 2844).
وروى عن جابر رضي الله عنه ان رسول الله y قدم من سفر، فلما قرب المدينة هاجت ريح شديدة تكاد ان تدفن الراكب، فزعم ان رسول الله y قال: (بعثت هذه الريح لموت منافق، فلما قدم المدينة فاذا منافق عظيم من المنافقين قد مات". ( 4/2145 رقم 2782 ). ورواه احمد بغير هذا اللفظ (3/341، 346). وانظر شرح الشفا لعلي القاري (1/697).