ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع السابع | 242
(146-253)

نعم كما ان ذلك الرحمن بواحدية تلك الرحمة وباحاطتها يظهر هيبة جلاله وبهائه على الكون كله، على الارض كلها. فانه بتجلي أحديته في كل ذي حياة، وبخاصة في الانسان، وبجمعه جميع نماذج تلك النعم وغرزها في اعضاء ذلك الكائن الحي، وفي أجهزته وتنظيمها، وبجعله ذلك الفرد الواحد يتخذ - من جهة - الكائنات كافة دون تشتت مسكنه ومأواه، كأنه يعلن رأفة جماله، ويعرّف تمركز انواع احسانه في الانسان.
فلو أخذنا البطيخ مثالاً، فان في كل بذرة من بذوره يوجد البطيخ نفسه. فخالق تلك البذرة الواحدة لابد انه هو خالق ذلك البطيخ. اذ يستدرّ تلك النواة منه ويجمعها ويجعلها تتجسم بموازين علمه الخاصة وبقوانين حكمته التي تخصه. فليس هناك شئ قط يستطيع أن يصنع تلك النواة سوى البديع الواحد لذلك البطيخ، بل ان ايجاد غيره له محال اصلاً. وبناءً على هذا فقد اصبح الكون - بتجلي الرحمانية - بمثابة شجرة وبستان، وغدت الارض كالثمرة وكالبطيخ، وصار ذوو الحياة والانسان كالبذرة، لذا ينبغي ان يكون خالق اصغر الاحياء هو خالق الارض قاطبة ورب أدق الاحياء هو رب الكون كله.
نحصل مما سبق:
ان ايجاد جميع الصور المنتظمة لجميع الموجودات وفتحها من مادة بسيطة - بحقيقة الفتاحية التي هي محيطة - يثبت الوحدة بداهة. وان تربية جميع الاحياء كذلك التي أتت الى الوجود ودخلت الحياة الدنيا وبخاصة القادمين الجدد - بحقيقة الرحمانية التي تحيط بكل شئ - تربية في غاية الانتظام، وايصال لوازم حياتها وتوفيرها لها دون نسيان أحد، وشمول الرحمة نفسها ووصولها الى كل فرد، في كل مكان ، وفي كل آن، تُظهرُ الوحدة بداهة، وتُري الاحدية في تلك الوحدة كذلك.
وحيث ان (رسائل النور) هي من مظاهر إسمَي (الحكيم) و (الرحيم) من الاسماء الحسنى وان ايضاح لطائف (حقيقة الرحمة)

لايوجد صوت