ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع السابع | 244
(146-253)

والاختلاط والدقة والموازنة والكثرة والعدالة ليس إلاّ من قدرة خارقة لذلك القائد الخارق، فلايمكن لأي سبب أن يمد يده اليها. إذ لو مدّ لأفسد تلك الموازنة ولاختلط الامر.
فكما ان الامر في هذا المثال هكذا؛ فاننا نشاهد بأعيننا كذلك ان يداً غيبية تنشئ في كل ربيع وتدير جيشاً مهيباً مركباً من أربعمائة ألف من مختلف الانواع من الاحياء، ثم في موسم الخريف - الذي هو نموذج القيامة - تُعفي ثلاثمائة ألف من مجموع الاربعمائة ألف نوع من وظائفها بصور الوفاة وباسم الموت. وفي الربيع - الذي هو مثال الحشر والنشور - تنشئ ثلاثمائة ألف نموذج للحشر الاعظم في بضعة اسابيع بكمال الانتظام. حتى انه سبحانه بعد أن يرينا في الشجرة الواحدة اربعة انواع من الحشر المصغر بنشره الشجرة نفسها، وأوراقها، وأزهارها، وأثمارها -كما هي في الربيع الماضي- فانه يظهر لنا ويثبت وحدانيته واحديته وفرديته واقتداره المطلق ورحمته الواسعة ضمن كمال الربوبية والحاكمية والحكمة، فيكتب سبحانه أمر التوحيد هذا بقلم القدر في صحيفة كل ربيع على وجه الارض، وذلك بمنحه كل نوع وكل طائفة من ذلك الجيش السبحاني البالغ أنواعه أربعمائة ألف نوع، ما يخصه من أرزاقه المختلفة، وما يحتاجه من اسلحته الدفاعية المتنوعة، وما يناسبه من ألبسته المتباينة، وما يلائمه من تعليماته المتفاوتة واعفاءاته المختلفة، وما يوافقه من جميع معدّاته ولوازمه. فيمنح سبحانه كل ذلك بكمال الانتظام والميزان دون أدنى سهو او خطأ ودون خلط او نسيان، ويهبها له في وقته المحدّد المعين، من مصادر لاتخطر على بال.
وبعد أن طالع صاحبنا السائح صحيفة واحدة فقط في ربيع واحد فقط وشاهد فيها أمر التوحيد بجلاء ووضوح خاطب نفسه قائلاً:
إن الذي أنشأ هذه الانواع من الحشر في كل ربيع، التي تربو على الالوف، وتفوق غرابة الحشر الاكبر هو الذي وعد أنبياءه كافة بآلاف الوعود والعهود أن سيأتي بالحشر والقيامة للثواب والعقاب، وهو

لايوجد صوت