مطلقاً.
* * *
وكما تثبت الاركان الايمانية الثلاثة - المذكورة آنفاً - الحشر بجميع دلائلها وتشهد عليه. كذلك يستلزم الركنان الايمانيان (وبملئكته، وبالقدر خيره وشره من الله تعالى) ايضاً الحشر، ويشهدان شهادة قوية على العالم الباقي ويدلان عليه، على النحو الآتي:
ان جميع الدلائل والمشاهدات والمكالمات الدالة على وجود الملائكة ووظائف عبوديتهم، هي بدورها دلائل على وجود عالم الارواح وعالم الغيب، وعالم البقاء وعالم الاخرة، ودار السعادة والجنة والنار اللتين ستعمران بالجن والانس، لان الملائكة يمكنهم - بإذن إلهي - ان يشاهدوا هذه العوالم ويدخلوها. لذا فالملائكة المقربون يخبرون بالاتفاق - كجبريل عليه السلام الذي قابل البشر - بوجود تلك العوالم المذكورة وتجوالهم فيها. فكما اننا نعلم بديهة وجود قارة امريكا التي لم نرها من كلام القادمين منها، كذلك يكون الايمان بديهة بما اخبرت به الملائكة - وهو بقوة مائة تواتر - عن وجود عالم البقاء ودار الآخرة والجنة والنار.. وهكذا نؤمن ونصدق.
* * *
وكذلك الدلائل التي تثبت (الايمان بالقدر) - كما جاءت في (الكلمة السادسة والعشرين) - هي بدورها دلائل على الحشر، ونشر الصحف، وموازنة الاعمال عند الميزان الاكبر، ذلك لأن مانراه امام اعيننا من تدوين مقدّرات كل شئ على ألواح النظام والميزان، وكتابة الاحداث الحياتية ووقائعها لكل ذي حياة في قواه الحافظة، وفي حبوبه ونواه، وفي سائر الالواح المثالية. وتثبيت دفاتر الاعمال لكل ذي روح ولاسيما الانسان واقرارها في ألواح محفوظة.. كل هذا القدر من القَدَر ذي الاحاطة التامة، ومن التقدير ذي الحكمة، ومن التدوين ذي الدقة المتناهية، ومن الكتابة ذات الحفظ والامانة، لايمكن