ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع التاسع | 266
(254-269)

عدالته، ويعمل كل شئ وفق حكمته، وان عظمة سلطان هذا الخالق الازلي وسرمدية حاكميته لاتحصرهما هذه الدنيا القصيرة، ولايكفيهما عمر الانسان القصير جداً، ولاعمر هذه الارض المؤقتة الفانية. حيث يظل الانسان دون جزاء في هذه الدنيا لما يرتكبه من وقائع الظلم والعصيان، وما يقترفه من انكار وكفر وعصيان تجاه مولاه الذي انعم عليه ورباه برأفة كاملة وشفقة تامة، مما ينافي النظام المنسق للكون، ويخالف العدالة والموازنة الكاملة التي فيها، ويخالف جماله وحُسنه، اذ يقضي الظالم القاسي حياته براحة، بينما المظلوم البائس يقضيها بشظف من العيش. فلاشك ان ماهية تلك العدالة المطلقة - التي يشاهد آثارها في الكائنات - لاتقبل أبداً، ولاترضى مطلقاً، عدم بعث الظالمين العتاة مع المظلومين البائسين الذين يساوون معاً امام الموت.
ومادام مالك الملك قد اختار الارض من الكون، واختار الانسان من الارض، ووهب له مكانة سامية، وأولاه الاهتمام والعناية، واختار الانبياء والاولياء والاصفياء من بين الناس، وهم الذين انسجموا مع المقاصد الربانية، وحببّوا انفسهم اليه بالايمان والتسليم، وجعلهم اولياءه المحبوبين المخاطبين له، واكرمهم بالمعجزات والتوفيق في الاعمال وأدّب اعداءهم بالصفعات السماوية. واصطفى من بين هؤلاء المحبوبين إمامَهم ورمزَ فخرهم واعتزازهم، ألا وهو محمدy. فنوّر بنوره نصف الكرة الارضية ذات الاهمية، وخُمس البشرية ذوي الاهمية، طوال قرون عدة، حتى كأن الكائنات قد خُلقت لأجله، لبروز غاياتها جميعاً به، وظهورها بالدين الذي بُعث به، وانجلائها بالقرآن الذي أُنزل عليه. فبينما يستحق أن يكافأ على خدماته الجليلة غير المحدودة بعُمرٍ مديد غير محدود وهو اهل له، إلا أنه قضى عمراً وهو ثلاث وستون سنة في مجاهدة ونصب وتعب ! فهل يمكن، وهل يعقل مطلقاً، وهل هناك اي احتمال ألاّ يُبعث هو وامثاله وأحباؤه معاً ؟! وألاّ يكون الآن حياً بروحه ؟! وان يفنى نهائياً ويصير الى العدم ؟

لايوجد صوت