ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع التاسع | 264
(254-269)

نعم، ما دام الله موجوداً، وهو واحدٌ أحدٌ أزلي أبدي، فلابد ان محور سلطان الوهيته - وهو الآخرة - موجود ايضاً.. وما دامت الربوبية المطلقة تتجلى في هذه الكائنات ولاسيما في الاحياء، وهي ذات جلال وعظمة وحكمة ورأفة ظاهرة واضحة، فلابد أن هناك سعادة ابدية تنفي عن الربوبية المطلقة اي ظن بكونها تترك الخلق هملاً دون ثواب، وتبرئ الحكمة من العبث، وتصون الرأفة من الغدر. اي أن تلك الدار موجودة قطعاً ولابد من الدخول فيها.
وما دامت هذه الانواع من الإنعام والاحسان واللطف والكرم والعناية والرحمة مشاهدة وظاهرة امام العقول التي لم تنطفئ وامام القلوب التي لم تمت وتدلنا على وجود رب رحمن رحيم وراء الحجاب، فلابد من حياة باقية خالدة، لتنقذ الانعام من الاستهزاء اي يأخذ الانعام مداه، وتصون الاحسان من الخداع ليستوفي حقيقته، وتنقذ العناية من العبث لتستكمل تحققها، وتنجي الرحمة من النقمة فيتم وجوهها، وتبرئ اللطف والكرم من الاهانة، ليفيضا على العباد. نعم ، ان الذي يجعل الاحسان احساناً حقاً، والنعمة نعمةً حقاً، هو وجود حياةٍ باقية خالدة في عالم البقاء والخلود.. نعم، لابد ان يتحقق هذا.
وما دام قلم القدرة الذي يكتب في فصل الربيع وفي صحيفة ضيقة صغيرة، مائة ألف كتاب، كتابةً متداخلة دون خطأ ولانصب ولاتعب، كما هو واضح جليٌ امام اعيننا. وان صاحب ذلك القلم قد تعهد ووعد مائة ألف مرة لأكتبنّ كتاباً اسهل من كتاب الربيع المكتوب امامكم، ولأكتبنّه كتابة خالدة، في مكان اوسعَ وارحبَ وأجملَ من هذا المكان الضيق المختلط المتداخل.. فهو كتاب لايفنى ابداً، ولأجعلنكم تقرأونه بحيرة واعجاب!. وانه سبحانه يذكر ذلك الكتاب في جميع اوامره، فان اصول ذلك الكتاب اذن قد كُتبت بلاريب، وستُكتب حواشيه وهوامشه بالحشر والنشور، وستدوّن فيه صحائف اعمال الجميع.
ومادامت هذه الارض قد اصبحت ذات اهمية عظمى من حيث

لايوجد صوت