احتواؤها على كثرة المخلوقات، ومئات الالوف من انواع ذوي الحياة والارواح المختلفة المتبدلة، حتى صارت قلب الكون وخلاصته ومركزه وزبدته ونتيجته وسبب خلقه. فذُكرت دائماً صنواً للسموات كما في ﴿رب السموات والارض﴾ في جميع الاوامر السماوية.. ومادام ابن آدم يحكم في شتى جهات هذه الارض - التي لها هذه الماهيات والخواص - ويتصرف في اغلب مخلوقاتها مسخّراً اكثر الاحياء له، جاعلاً اكثر المصنوعات تحوم حوله وفق مقاييسه وهواه، وحسب حاجاته الفطرية، وينظمها، ويعرضها ويزينها، وينسق الانواع العجيبة منها في كل مكان بحيث لايلفت نظر الانس والجن وحدهم، بل يلفت ايضاً نظر اهل السموات والكون قاطبة، بل حتى نظر الاستحسان من مالك الكون، فنال الاعجاب والتقدير والاستحسان، واصبحت له - من هذه الجهة - اهمية عظيمة، وقيمة عالية، فاظهر بما أوتي من علم ومهارة انه هو المقصود من حكمة خلق الكائنات، وانه هو نتيجتها العظمى، وثمرتها النفيسة، ولاغرو فهو خليفة الارض.. ولكن لكونه يعرض الصنائع البديعة للخالق سبحانه، وينظّمها بشكل جميل جذاب في هذه الدنيا، فقد أُجل عذاب عصيانه وكفره، وسُمح له بالعيش في الدنيا وأُمهل ليقوم بهذه المهمة بنجاح.
ومادام لابن آدم - الذي له هذه الماهية والمزايا خلقةً وطبعاً، وله حاجات لاتُحدّ مع ضعفه الشديد، وآلام لاتُعدّ مع عجزه الكامل - ربٌ قدير، له من القدرة والرأفة المطلقة ما يجعل هذه الارض الهائلة العظيمة مخزناً عظيماً لأنواع المعادن التي يحتاجها الانسان، ومستودعاً لأنواع الاطعمة الضرورية له، وحانوتاً للأموال المختلفة التي يرغب بها، وانه سبحانه ينظر اليه بعين العناية والرأفة ويربيه ويزوده بما يريد..
ومادام الرب سبحانه - كما في هذه الحقيقة - يحبّ الانسان، ويحبّب نفسه اليه، وهو باقٍ، وله عوالم باقية، ويُجري الامور وفق