ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 295
(270-373)

(الآخرة) فيخاطبنا - جل وعلا - بجميع اوامره وبجميع رسله الكرام، وبجميع اسمائه الحسنى، وبجميع صفاته الجليلة، قائلا لنا: الآخرة لاريب فيها، وانتم مساقون اليها. وحيث ان (الكلمة العاشرة) قد اثبتت الآخرة باثنتي عشرة حقيقة قاطعة ناصعة، واوضحتها بدلالة قسم من الاسماء الحسنى؛ لذا نشير هنا - اشارة مختصرة - الى تلك الدلالات، مكتفين بذلك الايضاح.
نعم! انه ليس هناك سلطان عظيم دون ان يكون له ثواب للمطيعين وعقاب للعاصين. فلابد من ان السلطان السرمدي - وهو في علياء الربوبية المطلقة - له ثواب للمنتسبين اليه بالايمان والمستسلمين لأوامره بالطاعة، وعقاب للذين انكروا عظمته وعزته بالكفر والعصيان. ولابد من أن ذلك الثواب سيكون لائقا برحمته وجماله، وذلك العقاب سيكون ملائما لعزته وجلاله.
وبهذا يجيبنا اسم (السلطان الديّان) و (رب العالمين) عن سؤالنا حول الآخرة.
ثم اننا نرى باعيننا - رؤية واضحة وضوح الشمس - ان رحمة عامة ورأفة محيطة وكرما شاملا سابغا على وجه الارض؛ فما ان يحل الربيع الزاهي حتى ترى الرحمة تزيّن الاشجار والنباتات المثمرة، وتلبسها ثياباً خضراً كانها حور الجنة، وتسلّم الى ايديها انواعاً مختلفة من ثمار شتى، وتقدمها الينا قائلة: (هاكم كلوا وتفكهوا...) وتراها تطعمنا عسلا مصفى شافياً لذيذاً بأيدي حشرة سامة! وتلبسنا حريراً ناعما تنسجه حشرة بلا يد! وتدّخر في حفنة من بُذيرات وحبوب آلاف الاطنان من الغذاء وتحولها الى كنوز احتياطية لنا.. فالذي له هذه الرحمة الواسعة، وله هذه الرأفة العامة والكرم السابغ، لاريب أنه لن يُفني ولن يُعدم عباده المؤمنين المحبوبين لديه، اولئك الذين رباهم ومَنَّ عليهم، وكرّمهم الى هذه الدرجة من اللطف والرفق والعناية. بل سينهي وظيفتهم في الحياة الدنيا ليهيأهم لرحمات اوسع واعظم.

لايوجد صوت