ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 292
(270-373)

النهار، ويبين كماله وقدرتَه، ويثير من الاعجاب والتقدير لدى الناظرين اليه ما لا يملكون معه الا ترديد: تبارك الله سبحان الله ما شاء الله! من كلمات الاستحسان والاعجاب؛ كذلك هذا الكتاب الكبير للكون الذي يُكتب في صحيفة واحدة منه - وهي سطح الارض - ويُكتب في ملزمة واحدة منه - وهي الربيع - ثلثمائة ألف نوع من الكتب المختلفة وهي طوائف الحيوانات واجناس النباتات كل منها بمثابة كتاب.. يُكتب كل ذلك معا ومتداخلة بعضها ببعض دون اختلاط، ولاخطأ، ولانسيان، وفي منتهى الانتظام والكمال بل يُكتب في كل كلمة منه - كالشجرة - قصيدة كاملة رائعة، وفي كل نقطة منه - كالبذرة - فهرس كتاب كامل. وان هذا مشاهد وماثل أمامنا، ويُرينا بالتأكيد وراءه قلماً سيالاً يسطر. فلكم ان تقدروا مدى دلالة كتاب الكون الكبير العظيم الذي في كل كلمة منه معان جمة وحكم شتى، ومدى دلالة هذا القرآن الاكبر المجسم - وهو العالم - الى بارئه سبحانه والى كاتبه جل وعلا، قياسا الى ذلك الكتاب المذكور في المثال. وذلك بمقتضى ما تقرأونه من علم حكمة الاشياء او فن القراءة والكتابة، وتناولوه بمقياس اكبر، وبالنظرة الواسعة الى هذا الكون الكبير وبذلك تفهمون كيف يعرّف الخالق العظيم بـ(الله اكبر) وكيف يعلّم التقديس بـ(سبحان الله) وكيف يحبّب الله سبحانه الينا بثناء (الحمد لله).
وهكذا فان كل علم من العلوم العديدة جداً، يدل على خالق الكون ذي الجلال - قياسا على ما سبق - ويعرّفه لنا سبحانه باسمائه الحسنى، ويعلّمه ايانا بصفاته الجليلة وكمالاته. وذلك بما يملك من مقاييس واسعة، ومرايا خاصة، وعيون حادة باصرة، ونظرات ذات عبرة.
فقلت لاولئك الطلبة الشباب: ان حكمة تكرار القرآن الكريم من: ﴿خلقَ السمواتِ والارض﴾ و ﴿ربّ السموات والارض﴾ انما هي لأجل الارشاد الى هذه الحقيقة المذكورة، وتلقين هذا البرهان الباهر

لايوجد صوت