ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 323
(270-373)

الكائنات وخليفة الارض، والعبد المعزز المكرم رضاءً أبديا ؟ كلا.. ثم كلا!.. فهذا محال في مائة محال بل باطل كليا، اذ كيف يسمع طنين الذباب ولايسمع رعود السماء، وكيف يراعي عدّة الجندي البسيط ولايبالي بالجيش العظيم! فتعالى الله عن ذلك علوا ً كبيراً.
نعم، ان الصراحة القاطعة للآية الكريمة:
﴿وفيها ما تَشتهيه الأنفس وتلذّ الاعين﴾(الزخرف:71) تبين ان اكثر ما يأنس الانسان به من اللذائذ المادية المحسوسة - والذي يتذوق نماذجها في الدنيا - سيراها ويتذوقها بصورتها اللائقة بالجنة. وان ثواب ما يؤديه اللسان والعين والاذن وسائر الاعضاء والجوارح من الشكر الخالص والعبادات الخاصة سيمنح لها بتلك اللذائذ الجسمانية المخصوصة بها. فبيان القرآن الكريم للذائذ الجسمانية صريح في غاية الصراحة، بحيث لايمكن ان يتحمل اي تأويل يصرفه عن المعنى الظاهري، بل يمتنع عدم قبول المعنى الظاهري.
وهكذا تُظهر ثمراتُ الايمان بالآخرة ونتائجُه أنه مثلما تدل حقيقة معدة الانسان وحاجاتها دلالة قاطعة على وجود الاطعمة، فان حقيقة الانسان وكمالاته وحاجاته الفطرية وآماله الابدية وحقائقه واستعداداته تتطلب النتائج والفوائد المذكورة للايمان بالآخرة، وتدل قطعا على الآخرة وعلى الجنة وعلى لذائذ مادية محسوسة باقية، وتشهد على تحققها. وان حقيقة كمالات هذا الكون ايضا وآياته التكوينية الحكيمة وجميع حقائقه المرتبطة بالحقائق الانسانية تدل دلالة قاطعة ايضا على وجود الآخرة وعلى تحققها وتشهد شهادة صادقة على مجئ الحشر وانفتاح ابواب الجنة والنار. ولما كانت رسائل النور قد أثبتت هذه المسألة بصورة رائعة وبحجج قوية جدا دون أن تترك غبارا للشبهة، ولاسيما الكلمة العاشرة والثامنة والعشرون - بمقاميها - والتاسعة والعشرون، والشعاع التاسع، ورسالة المناجاة، فاننا سنكتفي بها.

لايوجد صوت