ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 324
(270-373)

ان بيان القرآن الكريم فيما يخص جهنم واضح جلي لم يدع مجالا لأي ايضاح آخر، الا اننا سنبين باختصار شديد ما يزيل بضع شبهات تافهة في نكتتين، محيلين تفاصيلها الى رسائل النور:
النكتة الاولى:
ان التفكير في جهنم والخوف منها لايزيل لذائذ ثمرات الايمان المذكورة ولايفوّتها، لان الرحمة الربانية الواسعة تهتف بذلك الخائف: (تعالَ اليّ فدونك باب التوبة ادخل منه). فان وجود جهنم ليس للتخويف، بل ليعّرفك لذائذ الجنة معرفة كاملة، وليذيقك اياها تذوقا كاملا، وليأخذ لك ولمخلوقات غير محدودة الثأر والانتقام ممن انتهك حقوق الجميع واعتدى عليها، وليفرحهم جميعا بهذا ويدخل السرور اليهم.
فيا غارقاً في الضلالة - وليس بمستطيع ان يخرج منها - ان وجود جهنم لهو افضل لك من العدم الابدي، إذ في وجودها نوع من الرحمة حتى للكفار انفسهم، لان الانسان - والحيوانات الولودة - يستمتع بتمتع اقاربه واولاده واحبابه ويسعد - من جهة - بسعادتهم. فيا ايها الملحد! إما انك ستسقط في هاوية العدم - باعتبار ضلالتك - او ستدخل نار جهنم. ولما كان العدم شراً محضا، فان الاعدام النهائي لاحبابك جميعا وممن تسعد بسعادتهم من أقاربك وأبائك ونسلك، سيحرق روحك ويعذب قلبك ويؤلم ماهيتك الانسانية اكثر من عذاب جهنم بألف مرّة؛ لأنه لو لم تكن جهنم لما كانت هناك جنة ايضا. فيسقط كل شئ اذن بكفرك الى العدم. ولكن اذا دخلت جهنم وبقيت ضمن دائرة الوجود، فان احبابك واقاربك اما انهم سيسعدون في الجنة او انهم يكونون ضمن دوائر وجود تحت رحمة الله سبحانه. فلا مناص لك إلاّ ان تقبل بوجود جهنم، اذ العداء لوجودها - ورفضه - يعني الانحياز الى العدم المحض، الذي هو ابادة سعادة جميع الاحبة

لايوجد صوت