ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 326
(270-373)

في حق هذه الاعداد الهائلة من المخلوقات والكائنات التي اُنتهكت حقوقها.
وهكذا مثلما يطالب اصحاب الدعاوي بوجود جهنم، فان عزة جلال الله وعظمة كماله سبحانه تطلبانها قطعا.
نعم، اذا قال سفيه او شقي عاص لحاكم عزيز للبلاد: (انك لاتستطيع ان تقذفني في السجن ولن تقدر على ذلك ابداً). متجاوزاً حده ومتعديا على عزة ذلك الحاكم وعظمته، فلابد أن ذلك الحاكم سينشئ سجنا لذلك السفيه المتعدي حتى لو لم يكن هناك سجن في البلاد. كذلك الامر في الكافر المطلق، فانه بكفره يتعدى بشدة على عزة جلاله سبحانه، وبانكاره يتحدى عظمة قدرته، وبتجاوزه يمس كمال ربوبيته، فان لم يكن هناك حتى تلك الاسباب الموجبة وتلك المبررات الكثيرة والحكم العديدة والوظائف الكثيرة لجهنم ولوجودها؛ فان خلق جهنم لمثل هؤلاء الكفار والقاءهم فيها هو من شأن تلك العزة وذلك الجلال.
ثم إن ماهية الكفر نفسها توحي بجهنم؛ اذ كما أن ماهية الايمان اذا تجسمت يمكن ان تبني بلذائذها ونعيم جمالها جنة خاصة في وجدان الانسان وقلبه، هي جنة مصغرة تومئ وتخبر عن جنة الخلد التي تنتظره في الآخرة، كذلك الكفر - ولاسيما الكفر المطلق - والنفاق والردة فيه من الآلام والاعذبة والظلمات المرعبة بحيث لو تجسمت وتأصلت في نفس صاحبها كونت له جهنمه الخاصة به تلك التي تشير ال ما سيفضي اليه في آخرته من جهنم هي اشد هولاً وأشد عذاباً. ولقد اثبتنا هذا بدلائل قاطعة في رسائل النور، واشير اليه في مستهل هذه المسألة ايضاً.
ولما كانت هذه الدنيا مزرعة الآخرة، فالحقائق الصغيرة التي فيها تثمر وتتسنبل في الآخرة، فهذه البذرة السامة (الكفر) تشير من هذه الزاوية الى شجرة الزقوم تلك، وتقول: (أنا اصل تلك الشجرة وجوهرها.. فمن يحملني في قلبه من المنكوبين سأثمر له نموذجا خاصا من تلك الشجرة الملعونة).

لايوجد صوت