والكشف، ويرى آخرون ألسنة لهيبها وظلمة سوادها، ويسمع بعضهم أزيز تضرمها وفورانها فيصرخون من هولها (اجرنا من النار).
نعم ! ان تقابل الخير والشر في هذا الكون، واللذة والألم، والنور والظلام، والحرارة والبرودة، والجمال والقبح، والهداية والضلالة، وتداخل بعضها ببعض، انما هي لحكمة كبرى، لأنه ما لم يكن هناك الشر فلا يفهم الخير، وما لم يكن هناك الالم فلا تُعرف اللذة، والضياء من دون ظلام ازاءه لايبين جماله، ودرجات الحرارة تتحقق بوجود البرودة، وتصبح حقيقة واحدة من الجمال ألفاً من الحقائق بوجود القبح، بل يكتسب آلافا من انواع الجمال ومراتب الحسن. ويختفي الكثير من لذائذ الجنة بعدم وجود جهنم. فقياسا على هذا يمكن ان يعرف كل شئ من جهة بضده، وبوجود الضد يمكن ان تثمر حقيقة واحدة حقائق عدة.
فما دامت هذه الموجودات المختلطة تسيل سيلا من دار الفناء الى دار البقاء. فلابد ان الخير واللذة والنور والجمال والايمان وامثالها تسيل الى الجنة، ويتساقط الشر والالم والظلام والقبح والكفر وامثالها من الامور المضرة الى جهنم. فتسيل سيول هذه الكائنات المتلاطمة دائما الى ذينك الحوضين وتهدأ ساكنة عندهما نهاية المطاف.
نكتفي بهذا القدر ونحيل الى ما جاء في نهاية (الكلمة التاسعة والعشرين) من نكات رمزية.
* * *
يازملاء الدراسة في هذه المدرسة اليوسفية!
ان السبيل اليسيرة للنجاة من السجن الابدي المرعب (جهنم) انما هي في اغتنامنا فرصة بقائنا في السجن الدنيوي، هذا الذي قصّر أيدينا عن كثير من الآثام فأنقذنا منها. فما علينا اذن الا الاستغفار والتوبة عما اقترفناه من ذنوب سابقة، مع أداء للفرائض، كي نحول كل ساعة من ساعات هذا السجن بحكم يوم من العبادة فهي اذن أفضل فرصة لنا للنجاة من السجن الابدي ولدخولنا الجنة النورانية. فلئن