ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 329
(270-373)

فاتتنا هذه الفرصة فسنغرق آخرتنا بالعبرات كما هي حال دنيانا، ويحق علينا قوله تعالى: ﴿خَسرَ الدنيا والآخرة﴾ (الحج :11).
كانت اصوات تكبيرة عيد الاضحى المبارك تتعالى حينما كان هذا البحث يُكتب، فذهب بي الخيال الى أن خُمس البشرية يرددون (الله اكبر)، وأن أكثر من ثلاثمائة مليون مسلم يرددونه معا، فكأن صوت (الله اكبر) يتعالى بكبر كرة الارض وبسعتها فتُسمع الارضُ أخواتها الكواكب السيارة هذه الكلمة المقدسة في ارجاء السماوات. وهناك اكثر من عشرين ألفا من الحجاج في عرفة والعيد يرددون معا صدى ما قاله الرسول الاكرمy قبل الف وثلاثمائة سنة مع الآل والاصحاب الكرام وأمر به. فأحسست إحساسا كاملا، بل اقتنعت قناعة تامة أن تلك الاصداء والاصوات والترديدات انما هي عبودية واسعة كلية تقابل تجلي الربوبية الإلهية الكلية بعظمة (رب الارض) (رب العالمين(.
ثم سألت نفسي: تُرى ما وجه العلاقة بين الآخرة وهذه الكلمة المقدسة (الله اكبر)؟ فتذكرت فوراً أن هذه الكلمة مع الكلمات الطيبات الباقيات الصالحات (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله) وأمثالها من كلمات شعائر الاسلام تذكّر - بلا شك - بالآخرة سواء بصورة جزئية او كلية وتشير الى تحققها.
ان أحد اوجه معاني (الله اكبر) هو: ان قدرة الله وعلمه هي فوق كل شئ واكبر واعظم من كل شئ، فلن يخرج اي شئ كان من دائرة علمه، ولن يهرب من تصرفه وقدرته، ولن يفلت منها قطعا، فهو سبحانه اكبر من كل كبير نخافه ونستعظمه. أي اكبر من ايجاد الحشر - الذي نستهوله - واكبر من انقاذنا من العدم، واكبر من منحنا السعادة الابدية. فهو اكبر من اي شئ نعجب به ومن اي شئ خارج نطاق عقلنا اذ يقول سبحانه: ﴿ما خَلقُكم ولا بعثُكم إلاّ كَنَفسٍ واحدة﴾ (لقمان: 28). فصراحة هذه الآية الكريمة تبين ان حشر البشرية ونشرهم

لايوجد صوت