ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 320
(270-373)

وهكذا فان كل (مدينة) هي بحد ذاتها بيت واسع لسكنتها. فان لم يكن (الايمان بالآخرة) مسيطراً على أفراد هذه العائلة الكبيرة فسيستولى عليهم الحقد والمنافع الشخصية والاحتيال والانانية والتكلف والرياء والرشوة والخداع، بدلاً من أسس الاخلاق الحميدة التي هي الاخلاص والمروءة والفضيلة والمحبة والتضحية ورضى الله والثواب الاخروي. وكانت معاني الارهاب والفوضى والوحشية حاكمة ومسيطرة تحت اسم النظام والأمن والانسانية التي يظهرونها، وحينئذ تتسمم حياة تلك المدينة، فيتصف الاطفال بالوقاحة والاهمال، والشباب بالسُكر والعربدة، والاقوياء بالظلم والتجاوز، والشيوخ بالبكاء والأنين.
وقياساً على هذا فان (البلاد) بأكملها ما هي الاّ بيت واسع جداً. والوطن بيت عائلة الامة. فاذا ما حكم (الايمان بالآخرة) هذه البيوت وسيطر، فان الفضائل تتكشف وتنبسط وتتوضح فيها فتظهر الاحترام المتبادل والرحمة الجادة، والمحبة الخالصة بلا عوض، والمعاونة مع الخدمة الحقة بلا احتيال، والمعاشرة والاحسان بلا رياء، والفضيلة والتوقير بلا استكبار، وتشيع الفضائل الاخرى جميعاً ؛ حيث يهتف الايمان بالآخرة بأولئك الاطفال قائلا لهم: (دعوا الوقاحة والاهمال فقدامكم جنة النعيم فلا تشغلوا انفسكم عنها بالألاعيب). فيمكّن الاخلاق عندهم بارشاد القرآن الكريم.
ويخاطب الشباب: (ان امامكم نار جهنم فانتهوا من السكر والعربدة). ويجعلهم يثوبون الى رشدهم.
ويخاطب الظالم: (احذر فان عذابا شديداً سيحلّ بك) فيردعه عن الظلم ويجعله يرضخ للعدالة.
ويخاطب الشيوخ: (أبشروا فان امامكم شبابا خالدا ذا نضارة، وفي انتظاركم سعادة اخروية دائمة باقية، هي اسمى مما فقدتموه من

لايوجد صوت