ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 317
(270-373)

الحياة نفسها عذابا مقيما لايطاق. بينما الايمان بالآخرة يهتف بهم قائلاً:
(لاتغتموا أيها الشيوخ ولاتبالوا كثيرا، فان لكم شبابا خالدا وهو امامكم وسيأتي حتما. وان حياة ساطعة بهيجة، وعمرا مديدا أبدياً في انتظاركم، وستلتقون اولادكم واقاربكم الذين فقدتموهم، وجميع حسناتكم محفوظة وستأخذون ثوابها..) وهكذا يمنح (الايمان بالآخرة) سلواناً وانشراحاً لهم، بحيث لو حمل احدهم اثقال مائة شيخوخة لتحملها صابرا في انتظار ما سيعقبها من حياة اخروية سعيدة.
وكذا (الشباب) الذين يمثلون ثلث البشرية، قد لايصغون لصوت عقولهم الجريئة. فرغباتهم وهواهم في ثورة وجيشان، وهم مغلوبون على امر حواسهم ونوازعهم، فاذا ما فقد هؤلاء الشباب (الايمان بالآخرة) ولم يتذكروا عذاب جهنم، فان اموال الناس وأعراضهم وراحة الضعفاء وكرامة الشيوخ تصبح مهددة بالخطر، اذ قد يدمر احدهم سعادة بيت آمن هنئ لأجل لذة طارئة، ومن ثم يذوق وبال أمره عذابا لسنين عديدة في مثل هذه السجون فيتحول الى ما يشبه الحيوان الكاسر.
ولكن اذا أمده (الايمان بالآخرة) واغاثه، فسرعان ما يسترجع صوابه ويسترشد بعقله، ويخاطب نفسه قائلا:
(على الرغم من ان شرطة الحكومة وعيونها لايمكنهم رؤيتي لكوني في خفاء عنهم، فان ملائكة السلطان الاعظم ذي الجلال الذي يملك سجن جهنم ذلك السجن الاكبر الدائم يسجلون علىّ سيئاتي.. فأنا اذن لست طليقا مفلوت الزمام، بل أنا ضيف عابر ذو مهمة.. وسأكون - لامحالة - في يوم ما ضعيفا وشيخا مثلهم). فتترشح قطرات الرحمة والرأفة والشفقة - عندئذٍ - من اعماق قلبه، ويشعر بالاحترام لاولئك الذين كان يريد ان يتعدى على حقوقهم ظلما. وحيث ان رسائل النور قد وضحت هذا المعنى، نقتصر على هذا القدر.
وكذلك (المرضى والمظلومون وامثالنا من ذوي المصائب والفقراء والمساجين) الذين حوكموا بعقوبات مشددة، كل هؤلاء

لايوجد صوت