الى درجة كنت أشعر أن الدنيا الفارغة ستتهدم على رأسي.. فبينما انا في هذه الحالة اذا بثمرة من ثمرات الايمان بالملائكة تأتي لأغاثتي، فتضئ ارجاء دنياي كلها، وتنور العالم من حولي، وتعمّره بالملائكة وتؤهله بالارواح الطيبة حتى دب السرور والبهجة في كل مكان(1). وأرتني كذلك كم كانت دنيا اهل الضلالة ملآى بصرخات الوحشة وحسرات العبث والظلام..
فبينما كان خيالي فرحاً جذلاً بالتمتع بلذة هذه الثمرة، اذا به يتسلم ثمرة من الثمار الوفيرة - الشبيهة بهذه - من الايمان بالرسل عليهم السلام، فذاقها فعلا، واحسست تواً أن ايماني قد توسع ونما وانبسط حتى اصبح كليا شاملا، اذ أشرقت لدىّ تلك الأزمنة الغابرة كلها واستضاءت بنور التصديق والايمان بهم، حتى كنت أشعر كأنني أعيش معهم، وبات كل نبي من الانبياء يصدق بآلاف التصديق على اركان الايمان التي جاء بها ودعا اليها، خاتمهم y، مما أخرس الشيطان وأسكته..
ثم قفز الى القلب السؤال ذو الجواب الشافي الوارد في لمعة (حكمة الاستعاذة) وهو: ان اهل الايمان الذين لهم مثل هذه الثمرات للايمان، ومثل هذه الفوائد والنتائج اللذيذة ذات الطعوم غير المحدودة، ولهم النتائج الجميلة الطيبة للحسنات ومنافعها الكثيرة، ولهم العناية الدائمة من (أرحم الراحمين) وتوفيقه ورحمته.. كل ذلك يمنحهم القوة والاسناد، فلِمَ إذاً يتغلب اهل الضلالة غالباً عليهم، بل قد يتغلب عشرون من اهل الضلالة على مائة منهم، ويهلكونهم؟!.. وفي ثنايا هذا التفكير خطر لي: لِمَ يحشّد القرآن الكريم هذا الحشد العظيم لأهل الايمان بذكر إمداد الله إياهم بالملائكة وهم يواجهون دسائس شيطانية واهية ضعيفة؟..
(1) (اطت السماء وحق لها ان تئط، ما من موضع اربع اصابع الا عليه ملك واضع جبهته ساجداً لله تعالى). رواه احمد (5/173) والترمذي (زهد/9) وابن ماجة (زهد/19) والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.