ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 359
(270-373)

والعقل الى عضو للشقاء والتعذيب. فبينما كنت اقاسي هذا الوضع المؤلم، اذا بالنور الذي أنار به محمد y البشرية جمعاء يرفع الغطاء ويزيل الغشاوة ويبرز حِكماً ومعاني ووظائف ومهمات غزيرة جداً تبلغ عدد اوراق الحَور. وان نتائجها ليست الى العدم والعبث والإعدام والفناء.. وقد أثبتت رسائل النور ان تلك الوظائف والحكم تنقسم الى ثلاثة أقسام(1):
القسم الاول: وهو المتوجه الى الاسماء الحسنى للصانع الجليل. فكما ان صانعا ماهرا اذا ما قام بصنع ماكنة بديعة، يثني عليه الجميع ويقدرون صنعته ويباركون ابداعه، فان تلك الماكنة هي بدورها كذلك تبارك صانعها وتثني عليه بلسان حالها، وذلك باراءتها النتائج المقصودة منها اراءة تامة. كذلك كل حي وكل شئ مثل تلك الماكنة، يبارك صانعه بالتسبيحات.
اما القسم الثاني: فهو المتوجه الى انظار ذوي الحياة وذوي الشعور من المخلوقات اي يكون موضع مطالعة حلوة وتأمل لذيذ، فيكون كل شئ كأنه كتاب معرفة وعلم، ولايغادر هذا العالم - عالم الشهادة - الاّ بعد وضع معانيه في اذهان ذوي الشعور، وطبع صوره في حافظتهم، وانطباع صورته في الالواح المثالية وفي سجلات عالم الغيب، اي لاينسحب من عالم الشهادة الى عالم الغيب الاّ بعد دخوله ضمن دوائر وجود كثيرة ويكسب انواعاً من الوجود المعنوي والغيبي والعلمي، بدلاً عن وجود صورى ظاهرى.
نعم مادام الله موجوداً، وعلمه يحيط بكل شئ، فلابد ألاّ يكون هناك في عالم المؤمن عدم، واعدام، وانعدام، وعبث، ومحو، وفناء، من زاوية الحقيقة.. بينما دنيا الكفار زاخرة بالعدم والفراق والانعدام ومليئة بالعبث والفناء. ومما يوضح هذه الحقيقة ما يدور على الالسنة من قول مشهور هو: 
(1) اكتفى الاستاذ هنا بذكر الوظيفتين، حيث الثالثة تعود الى الشئ نفسه. - المترجم.

لايوجد صوت