فبينما ابكاني وفاة هذين القريبين كبكائي على (عبد الرحمن)(1) - المذكور في رسالة الشيوخ - رأيت بنور الايمان - قلباً ومعنى - صداقة الملائكة ورفاقة الحُور العين لذلك الشاب الطيب (فؤاد) ولتلك السيدة الصالحة، عوضاً عن صداقة الناس، ورأيت نجاتَهما من مهالك الدنيا وخلاصهما من خطاياها. فبدأت أشكر الله وهو أرحم الراحمين ألف شكر وشكر، بما حوّل ذلك الحزن الشديد الى الشعور بالبهجة، والاحساس بالسرور.. وبدأت أهنئهم واهنئ اخي عبدالمجيد(2) (ابا فؤاد) واهنئ نفسي كذلك. ولقد كُتب هذا وسُجل هاهنا من اجل أن ينال هذان المرحومان بركة الدعاء.
ان جميع ما في رسائل النور من موازين ومقارنات انما هو لبيان ثمار سعادة الايمان ونتائجها التي تعود للحياة الدنيا والحياة الاخرى، فتلك الثمار الكلية الضخمة تُري في الدنيا سعادة الحياة وتذيق لذائذها خلال العمر، كما تخبر: أن ايمان كل مؤمن سيُكسبه في الآخرة سعادة ابدية، بل ستثمر وتتكشف وتنبسط بالصورة نفسها هناك. فمن نماذج تلك الثمار الكلية العديدة كتبت خمس ثمار منها على أنها (للمعراج) في نهاية (الكلمة الحادية والثلاثين) وخمس ثمار في (الغصن الخامس من الكلمة الرابعة والعشرين).
فكما ذكرنا آنفاً ان لكل ركن من اركان الايمان ثماراً كثيرة جداً بلا حدود، فلمجموع اركان الايمان معاً ثمرات لاحدّ لها ايضاً: احداها: الجنة العظيمة.. والاخرى: السعادة الابدية.. والثالثة: هي ألذّها وهي رؤية الله جل جلاله هناك.
(1) هو عبد الرحمن بن عبدالله، ابن شقيق الاستاذ النورسى ولد سنة 1903 فى نورس وتوفي سنة 1928 ودفن في قرية (ذو الفضل) في انقرة. كتب تاريخ حياة الاستاذ حتى عام 1918 ونشره بكتاب طبع في استانبول. - المترجم.
(2) عبد المجيد: هو اصغر اخوة الاستاذ النورسى. ترجم كثيراً من رسائله الى اللغة العربية الا انها نشرت فى وقتها فى نطاق ضيق وترجم الى التركية رسائله العربية (اشارات الاعجاز) و(المثنوى العربى). كان مدرساً للغة العربية ثم مفتياً ثم مدرساً للعلوم الاسلامية فى معهد الائمة والخطباء والمعهد الاسلامي فى قونيا. توفى سنة 1967م عن ثلاث وثمانين سنة من العمر رحمه الله رحمة واسعة. - المترجم.