وقد وضح بجلاء في المقارنة المعقودة في نهاية (الكلمة الثانية والثلاثين) بعض ثمار الايمان الذي هو محور سعادة الدارين.
هذا وان الدليل على ان(الايمان بالقدر) له ثماره النفيسة ايضاً في هذه الدنيا هو ما يدور على ألسنة الجميع، حتى غدا مضرباً للأمثال: (مَن آمن بالقدر أمِنَ من الكدر). وفي نهاية (رسالة القدر) بينت احدى ثماره الكلية بمثال هو: دخول رجلين حديقة قصر سلطاني.. حتى انني شاهدت من خلال حياتي بالاف من تجاربي وعرفت أن لاسعادة للحياة الدنيا دون الايمان بالقدر، فلولا هذا الايمان لمُحيت اذاً تلك السعادة وفنيت. بل كنت كلما نظرت الى المصائب الأليمة من زاوية الايمان بالقدر كانت تلك المصائب تخف ويقل وطؤها علىّ، فكنت أسأل بحيرة: ياترى كيف يستطيع العيش من لايؤمن بالقدر؟
وقد أشير الى احدى الثمار الكلية للركن الايماني (الايمان بالملائكة) في المقام الثاني للكلمة (الثانية والعشرين) بما يأتي:
ان عزرائيل عليه السلام قال مناجياً ربه عز وجل: ان عبادك سوف يشتكون مني ويسخطون علىّ عند ادائي وظيفة قبض الارواح. فقيل له جواباً: سأجعل الامراض والمصائب ستائر لوظيفتك لتتوجه شكاواهم الى تلك الاسباب لا اليك. ووظيفة عزرائيل نفسها هي الاخرى ستار من تلك الستائر كيلا تتوجه الشكاوى الباطلة الى الحق سبحانه وتعالى، وذلك لان الحكمة والرحمة والجمال والمصلحة الموجودة في الموت قد لايراها كل أحد؛ اذ ينظر الى ظاهر الامور ويبدأ بالاعتراض والشكوى، فلاجل هذه الحكمة - اي لئلا تتوجه الشكاوى الباطلة الى الرحيم المطلق - فقد اصبح عزرائيل عليه السلام سِتاراً.
ومثل هذا تماما ما يقوم به جميع الملائكة، وجميع الاسباب الظاهرة من واجبات ووظائف إنما ستائر لعزة الربوبية، لتبقى عزة القدرة الإلهية وقدسيتها ورحمة الله المحيطة الشاملة مصونةً في الامور والاشياء التي لاترى فيها اوجه الجمال، ولاتعلم فيها حقائق