ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 370
(270-373)

واسعة محيطة شاملة شاكرة ضمن تقديس وحمد وثناء.
وحيث ان الجمادات والاركان العظيمة للكون التي ليس لها شعور لايمكنها القيام بهذه العبودية العظيمة، فلايقوم بها عنهم الاّ ما لايحصى من الملائكة.. فهؤلاء هم الذين يمكنهم أن يمثلوا - بكل حكمة وجلال - أجراءات سلطنة الربوبية في كل ركن من اركان الكون، وفي كل جزء من أجزائه من الثرى الى الثريا من اعماق الارض الى اعالي الفضاء.
فمثلاً: ان ما تصوره القوانين الميتة للفلسفة من خلق الارض ووظيفتها الفطرية بشكل موحش مظلم، تحوّلها هذه الثمرة الايمانية صورةً مؤنسة مضيئة حيث المَلَكان المسمّيان بالثور والحوت، يحملان على كتفهما - اي تحت اشرافهما - الكرة الارضية، حيث قد اُحضرت من الجنة وجُلبت منها تلك المادة الأخروية، وتلك الحقيقة الاخروية المسماة بـ(الصخرة) لتصبح الحجر الاساس الباقي لهذه الكرة الارضية الفانية، اشارةً الى أن قسماً من الارض سيُفرغ ويحوّل الى الجنة الباقية، فاصبحت الصخرة نقطة استناد للمَلكين (الثور والحوت).. هكذا رويت هذه الرواية عن بعض انبياء بني اسرائيل السابقين، وهي مروية كذلك عن ابن عباس رضي الله عنه. ولكن المؤسف جداً ان يتحول هذا التشبيه اللطيف وهذا المعنى السامي بمرور الزمن الى حقيقة مادية مجسّمة عند العوام، بحيث اصبحت خارجة عن نطاق العقل؛ اذ الملائكة يستطيعون أن يصولوا ويجولوا في التراب وفي الصخور وفي مركز الارض كجولانهم في الهواء، فليسوا اذاً بحاجة أبداً - ولا الكرة الارضية نفسها بحاجة - الى صخرة مادية مجسمة ولا الى ثور وحوت ماديين مجسمين! بمعنى ان تلك الرواية ليست الا للتشبيه(1). 
(1) عن مالك في قوله عز وجل (وسع كرسيه السموات والارض) قال: ان الصخرة التي تحت الارض السابعة، ومنتهى الخلق، على ارجائها اربعة من الملائكة، لكل ملك منهم اربعة وجوه: وجه انسان ووجه اسد، وووجه نسر، ووجه ثور، فهم قيام عليها قد احاطو بالارض والسموات ورؤسهم تحت الكرسي والكرسي (تحت) العرش. قال: وهو واضع رجليه تبارك وتعالى على الكرسي.
أخرجه عبدالله بن الامام احمد في كتاب (السنة) برقم 589، 1/3: 3 في اسناده مجهول والمدى معروف بالوهم وبقية رجاله ثقات. وعزاه السيوطي في الدر المنثور 1/329 لعبد بن حميد وابو الشيخ في العظمة واخرجه ايضا البيهقي في الاسماء والصفات ص/403 وقد اخرجه عبدالرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر كما في الدر المنثور باختلاف في السياق 6/261 من كلام وهب بن منبه وهو ثقة كثير النقل من كتب الاسرائيليات (انظر الميزان 4/352).

لايوجد صوت