ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 368
(270-373)

الحكمة، من دون ان تكون هدفاً للاعتراضات الباطلة. ولايشاهد عندئذ بالنظر الظاهري مباشرةُ يد القدرة في الامور الجزئية والمنافية للرحمة والاشياء التافهة. هذا وأن رسائل النور قد اثبتت بدلائلها الغزيرة جداً، انه ليس لأي سبب من الاسباب تأثير حقيقي، وليس له قابلية الايجاد اصلاً. وان سكك التوحيد واختامها غير المحدودة موضوعة على كل شئ وان الخلق والايجاد يخصه هو سبحانه وتعالى، فليست الاسباب الاّ مجرد ستائر، وليس للملائكة - وهم ذوو شعور - غير جزءٍ من الاختيار الجزئي الذي له الكسب دون الايجاد، وهو نوع من الخدمة الفطرية ونمط من العبودية العملية لا غير.
اجل ان العزة والعظمة تقتضيان وضع الاسباب الظاهرية ستائر امام نظر العقل، الا ان التوحيد والجلال يرفعان ايدي الاسباب ويردّانها عن التأثير الحقيقي.
وهكذا، فكما ان الملائكة والاسباب الظاهرية المستخدمة في امور الخير والوجود، هي وسائل للتقديس الرباني وتسبيحه، فيما لايُرى ولايُعلم جماله من الاشياء، وذلك بتنزيه القدرة الربانية وصيانتها عن التقصير والظلم، كذلك فان استخدام شياطين الجن والانس والعناصر المضرة في امور الشر والعدم، هو الآخر نوع من الخدمة للتسبيحات الربانية ووسيلة للتقديس والتنزيه والتبرئة من كل مايُظن نقصاً وتقصيراً في الكائنات وذلك لصيانة القدرة السبحانية، كيلا تكون هدفاً لإلصاق الظلم بها وتوجيه الاعتراضات الباطلة اليها، ذلك لأن جميع التقصيرات تأتي من العدم، ومن العجز، ومن الهدم، ومن اهمال الواجبات -الذي كل منه عدم- ومما ليس له وجود من الافعال العدمية. فهذه الستائر الشيطانية والشريرة قد أضحت وسائل لتقديس الحق سبحانه وتعالى لما حملت على عاتقها -باستحقاق- تلك الاعتراضات والشكاوى لكونها مرجعاً لتلك التقصيرات ومصدراً لها. اذ الاعمال الشريرة والعدمية والتخريبية لا تتطلب - اصلاً - القوة والقدرة، فالفعل القليل او القوة الجزئية بل إهمال لواجبٍ ما احياناً، يؤدي الى انواع من العدم والفساد. لذا يُظن ان القائم بتلك الافعال الشريرة هو ذو قدرة، بينما الامر في الحقيقة أنه لاتأثير له الاّ العدم ولاقوة له الاّ

لايوجد صوت