ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني عشر | 394
(374-395)

قلت لهم في دفاعي الموجز هذه المرة
ان ماتحتويها رسائل النور من الحقيقة والرحمة والحق قد منعتنا من الخوض في السياسة. ذلك لان الخوض فيها يؤدي الى وقوع الابرياء في بلايا ومصائب عديدة فاكون ظالماً لهم. وقد طلب بعضهم ايضاح هذا الامر فقلت لهم:
انه بسبب التعصب العنصري والانانية التي نشأت في هذا العصر العاصف من المدنية الغادرة، والدكتاتورية العسكرية التي اعقبت الحرب العالمية، وما افرزته الضلالة من القسوة وعدم الرحمة، ساد اشد انواع الظلم واشد انواع الاستبداد، بحيث لو قام اهل الحق بالدفاع عن حقوقهم بالقوة لأصاب الكثير من الابرياء والضعفاء اشد الظلم نتيجة الحيدة عن العدل، فيبقى هؤلاء مغلوبين على امرهم يقاسون اشد انواع الظلم. ذلك لان الظالمين الذين تدفعهم النوازع المذكورة آنفاً لايترددون ابداً في مدّ يد الاذى والبطش والظلم بعشرين او ثلاثين من الابرياء ويؤاخذونهم بجريرة او خطأ شخص او شخصين باسباب واهية ومعاذير شتى. فلو قام اهل الحق بضرب ذلك الموضع في سبيل الحق والعدل لأعطوا خسارة بمعدل ثلاثين الى واحد. ولو قاموا باتباع القاعدة الظالمة المتمثلة بالمقابلة بالمثل وبطشوا بعشرين او ثلاثين شخصاً مأخوذين بجريرة واحد او اثنين من الظالمين لاقترفوا - باسم الحق وتحت شعاره - ظلماً عظيماً وشنيعاً.
هذا هو السبب والحكمة من تهربنا الشديد ونفورنا من التعرض للسياسة وللحكم وذلك بامر القرآن، وإلاّ فان عندنا من قوة الحق ما يمكننا من الدفاع عن حقنا بكل جدارة. ثم مادام كل شئ زائلاً وفانياً ومادام الموت موجوداً والقبر لايزال فاغراً فاه، ومادام الاذى ينقلب الى رحمة، فاننا نفضل ان نصبر ونتوكل على الله ونشكره ونسكت. اما محاولة الاخلال بسكوتنا وهدوئنا بالاكراه بايقاع الاذى بنا فانها تناقض كل مفاهيم العدالة والغيرة الوطنية والحمية الملية.

لايوجد صوت