فما دام الامر هكذا فلِمَ تتعرضون لي الى هذا الحد دون داع اليه وبما يلحق الضرر بالبلاد والعباد. علماً انه لا يُتعرض في الدنيا كلها للمنزوين المعتكفين المنشغلين بآخرتهم.
نحن طلاب النور آلينا على انفسنا الاّ نجعل من رسائل النور اداة طيعة للتيارات السياسية، بل للكون كله. فضلاً عن ان القرآن الكريم قد منعنا بشدة من الاشتغال بالسياسة.
نعم، ان مهمة رسائل النور الاساس هي: خدمة القرآن الكريم، والوقوف بصرامة وحزم في وجه الكفر المطلق الذي يودي بالحياة الابدية ويجعل من الحياة الدنيا نفسها سماً زعافاً وجحيماً لا تطاق.
ومنهجها في ذلك: هو اظهار الحقائق الايمانية الناصعة المدعمة بالادلة والبراهين القاطعة التي تلزم اشد الفلاسفة والمتزندفة تمرداً على التسليم بالايمان. لذا فليس من حقنا ان نجعل رسائل النور اداة لاي شئ كان، وذلك لأسباب:
أولاً: كي لا تحول الحقائق القرآنية التي تفوق الالماس نفاسة الى قطع الزجاج المتكسر في نظر أهل الغفلة، حيث يتوهمونها كأنها دعاية سياسية تخدم اغراضاً معينة، وكي لا نمتهن تلك المعاني القرآنية القيمة.
ثانياً: ان منهج رسائل النور الذي هو عبارة عن: الشفقة والعدل والحق والحقيقة والضمير ليمنعنا بشدة عن التدخل بالامور السياسية أو بالسلطة الحاكمة. لأنه اذا كان هناك بعض ممن ابتلوا بالالحاد واستحقوا بذلك العقاب فإن وراء كل واحد منهم عدداً من الاطفال والمرضى والشيوخ الابرياء. فاذا نزل بأحد اولئك المبتلين المستحقين للعقاب كارثة او مصيبة، فان اولئك الابرياء ايضاً سيحترقون بنارهم دون ذنب جنوه. وكذا لان حصول النتيجة المرجوة امر مشكوك فيه، لذا فقد مُنعنا بشدة عن التدخل في الشؤون الادارية بما يخل بأمن البلاد ونظامها عن طريق وسائل سياسية.