اضطر دون رغبة مني الى القول:
ان الذي قضى حياة الاغتراب التي هي اشبه ما تكون بالسجن الانفرادي طوال اثنتين وعشرين سنة، معتكفاً ومنزوياً عن احوال الناس. والذي لم يخرج باختياره طوال هذه الفترة الى مجمع الناس في السوق وفي الجوامع الكبيرة. والذي اجري عليه اشد انواع الضيق والعنت وخالف امثاله من المنفيين فلم يراجع الحكومة ولو لمرة واحدة. ولم يقرأ جريدة ولم يستمع اليها، بل لم يكترث بها طوال هذه الفترة.
وخير شاهدعلى هذا القريبون من اصدقائه واحبّائه خلال سنتين في (قسطموني) وخلال سبع سنوات في اماكن اخرى. بل لم يعرف احداث الحرب العالمية ولا المنتصر من المغلوب، ولم يهتم بالمعاهدة والصلح، بل لم يعرف حتى من هم اطراف الحرب، ولم يتحرك فضوله لمعرفتهم، ولم يسأل عنهم ولم يستمع الى الراديو القريب منه خلال ثلاث سنوات سوى ثلاث مرات. والذي يواجه الكفر المطلق برسائل النور، ذلك الكفر الذي يفني الحياة الابدية ويزيد آلام الحياة الدنيا ويجعلها عذاباً في عذاب. والشاهد الصادق لذلك مائة الف ممن انقذوا ايمانهم برسائل النور المترشحة من فيض نور القرآن العظيم والتي تجعل الموت بحق مائة الف شخص تذكرة تسريح بدلاً من الاعدام الابدي.
ترى اي قانون يسمح بالتعرض لهذا الرجل - يقصد نفسه - وجعله في يأس من الحياة، ودفعه الى البكاء والحزن، مما يدفع مائة الف من اخوانه الى البكاء؟ بل اية مصلحة في ذلك؟.
ألا يرتكبون باسم العدالة غدراً لا مثيل له ولا نظير ؟
أفلا يكون باسم القانون خروجاً عن القانون ؟
اما اذا قلتم واحتججتم بتصرفكم هذا بما يحتج به فريق من