موضوعاً ولا من حيث الدافع ولا من حيث النتيجة، ولا نجد انفسنا ملزمين بقبول امرٍ كهذا.
والواقع انه بالرغم من حياة الاسر والتشرد التي عشتها خلال هذه السنوات العشرين ، والتي ذقت فيها الواناً من العذاب، وتعرضت لأقسى وأشنع اساليب الظلم والاستبداد، ومع ان هناك مئات الالوف من اخواني النوريين الاوفياء، فاننا لم نتدخل في الامور السياسية ولم تُسجّل حادثة واحدة تدل على تعرضنا للأمن او اخلالنا بالنظام.
ان ما اتعرض له في اخريات ايامي هذه، من الاهانات المتكررة والمعاملات الظالمة التي اُقابل بها، وحياة الاغتراب والتشرد التي اعيشها والتى لم أر مثلها من قبل جعلني املّّ الحياة.. انني سئمت الحرية المقيدة، تلك الحرية التي يحدها التحكم ويعقلها الجور والاستبداد. لقد رفعت اليكم طلباً لا لإطلاق سراحي وتخفيف عقابى وإبراء ساحتي، كما هو المألوف، بل لإنزال أشد العقاب بى واقساه، نعم أشده وأقساه لا أخفه وأهونه، ذلك لانه لا سبيل للتخلص من مثل هذه المعاملة العجيبة المنكرة سوى احد امرين: السجن او القبر. ان الطريق الى القبرمسدود امامى لا استطيع الحصول عليه لأن الانتحار محظور شرعاً، ثم ان الاجل سر خفى، لا يدرك الانسان كنهه بَلَْهَ عن ان تطوله يداه، لذا فقد رضيت بالسجن الذي انا رهين اعتقاله وتجريده منذ حوالى ستة اشهر(1). الاّ انني لم اقدم هذا الطلب في الوقت الحاضر نزولاً عند رغبة اخواني الابرياء.
رابعاً: انني خلال هذه السنوات الثلاثين من حياتي، والتي اطلقت فيها على نفسي اسم (سعيد الجديد) أدّعي فأقول: بانني قد بذلت ما وسعني الجهد لكبح جماح نفسي الامارة بالسوء، وصونها من العجب والتطلع الى الشهرة والتفاخر، بل قد جرحت اكثر من مائة مرة مشاعر طلاب النورالذين يحملون حسن ظن مفرط بشخصي، يشهد (1) والحال نفسها تدوم بعد مضي سبعة عشر شهراً - المؤلف.