ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الرابع عشر | 607
(459-713)

مصلحة الطرفين، وتقتضيه الانسانية، ويحث عليه الاسلام.
نعم، ان المصلحة والحقيقة في الصلح، والصلح خير؛ لأن الأجل واحد لا يتغير، فذلك المقتول على كل حال ما كان ليظل على قيد الحياة ما دام أجله قد جاء. اما ذلك القاتل فقد أصبح وسيلة لذلك القضاء الإلهي، فإن لم يحل بينهما الصلحُ فسيظلان يعانيان الخوف وعذاب الانتقام مدة مديدة؛ لذا يأمر الاسلام بعدم هجر المسلم أخاه فوق ثلاثة أيام. فان لم يكن ذلك القتل قد نجم من عداء أصيل ومن حقد دفين، وكان أحد المنافقين سبباً في اشعال نار الفتنة، فيلزم الصلح فوراً، لأنه لولا الصلح لعظمت تلك المصيبة الجزئية ودامت، بينما اذا ما تصالح الطرفان وتاب القاتل عن ذنبه، واستمر على الدعاء للمقتول، فان الطرفين يكسبان الكثير، حيث يدب الحب والتآلف بينهما، فيصفح هذا عن عدوه ويعفو عنه واجداً أمامه اخوة اتقياء أبراراً بدلاً من شقيق واحد راحل، ويستسلمان معاً لقضاء الله وقدره، ولا سيما الذين استمعوا الى دروس النور، فهم مدعوون لهجر كل ما يفسد بين اثنين، اذ الأخوة التي تربطهم ضمن نطاق النور، والمصلحة العامة، وراحة البال وسلامة الصدر التي يستوجبها الإيمان.. تقتضي كلها نبذ الخلافات واحلال الوفاق والوئام. ولقد حصل هذا فعلاً بين مسجونين يعادي بعضهم بعضاً في سجن (دنيزلي) فاصبحوا بفضل الله أخوة متحابين بعد ان تلقوا دروساً من رسائل النور، بل غدوا سبباً من أسباب براءتنا، حتى لم يجد الملحدون والسفهاء من الناس بداً أمام هذا التحابب الاخروي، فقالوا مضطرين: ما شاء الله.. بارك الله!! وهكذا انشرحت صدور السجناء جميعاً وتنفسوا الصعداء بفضل الله. اذ إني أرى هنا مدى الظلم الواقع على المسجونين، حيث يشدد الخناق على مائة منهم بجريرة شخص واحد، حتى انهم لا يخرجون معه الى فناء السجن في أوقات الراحة.. ألا ان المؤمن الغيور لا تسعه شهامته ان يؤذي المؤمن قط، فكيف يسبب له الأذى لمنفعته الجزئية الخاصة، فلابد ان يسارع الى التوبة والإنابة الى الله حالما يشعر بخطئه وتسبّبه في أذى المؤمن.

لايوجد صوت