ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 31
(1-49)

والحال ان تركيب وانشاء جسم ذبابة واحدة او زهرة واحدة يقتضي جمع جميع ذراته من سطح الارض كافة بعد تصفيتها وتنقيتها بمصاف معينة دقيقة، ولايمكن ذلكالاّ بعد مشكلات عديدة، وحتى بعد مجيئها فإن المحافظة عليها في وضع منتظم دون ان تتبعثر وتتشتت داخل ذلك الجسم امر عسير آخر لعدم وجود قوالب معنوية علمية، اذ يلزم وجود قوالب مادية وطبيعية بعدد اعضاء ذلك الكائن، كي يتشكل ذلك الجسم للكائن..
وهكذا فان اسناد خلق جميع الاشياء الى واحد أحد، يولد سهولة متناهية بدرجة الوجوب واللزوم، بعكس اسناده الى الاسباب العديدة الذي يولد مشكلات وصعوبات بدرجة المحال. فلو فوّض امر كل شئ الى الواحد الاحد جل وعلا لأصبح الموجود في غاية النفاسة مع الوفرة المطلقة، وفي غاية الاتقان مع منتهى الحكمة والقوة، بينما لو اسند في طريق الشرك الى الاسباب المتعددة والطبيعة يكون الموجود في منتهى الغلاء مع انه في منتهى التفاهة والتشوه والضعف. لأنه كما ان أحداً بصفة الجندية يحمل قوة معنوية بانتسابه الى قائد عظيم واستناده اليه، اذ يمكن أن يُحشّد له جيشاً عظيماً اذا لزم الامر. فضلاً عن ان قوة ذلك القائد والجيش تكون قوة احتياطية له، فتتضاعف قوته الشخصية الى الوف الاضعاف فيكسب قدرة مادية علاوة على عدم اضطراره الى حمل منابع تلك القوة التي انتسب اليها ولا الى حمل مخازن عتاده حيث الجيش ينقلها، لذا يستطيع ذلك الجندي على أسر مشير لدى العدو، وعلى تهجير مدينة كاملة، وتسخير قلعة عظيمة، فيكون أثره خارقاً وذا قيمة واعتبار. ولكن اذا ماترك ذلك الشخص الجندية واصبح سائباً، فانه يفقد كلياً تلك القوة المعنوية الخارقة وتلك القدرة الخارقة والاقتدار الخارق، ويصبح انساناً اعتيادياً لايقدر على شئ الاّ بقدر قوته الشخصية من امور بسيطة جزئية لا أهمية لها، فيصغر تأثيره بتلك النسبة.
وعلى غرار هذا تماماً، ففي طريق التوحيد يستند كل شئ وينتسب الى القدير الجليل، لذا فكما تغلب نملة فرعوناً وبعوضة نمروداً

لايوجد صوت