ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 32
(1-49)

وجرثومة جباراً عنيداً وكما تحمل بذيرة صغيرة على كتفها شجرة ضخمة كالجبل، فضلاً عن كونها منشأ ومخزن جميع آلات تلك الشجرة واجهزتها، فان كل ذرة ايضاً يمكن ان تؤدي وظائف لاتحد بذلك الاستناد والانتساب كتشكيل الصور والاجسام التي تحمل مئات الالوف من الاتقان والانواع والانماط والاشكال. وتصبح الاثار التي تؤديها تلك المأمورات اللطيفات وهذه المجندات الصغيرات في منتهى الكمال والاتقان والنفاسة والجودة؛ لأن الذي يصنع تلك الآثار هو القدير ذو الجلال قد وضع في يد تلك الموظفات هذه الآثار وجعلهن ستاراً لقدرته.
ولكن اذا ما اسند الامر الى الاسباب، كما هو في طريق الشرك، فان تأثير النملة يصبح تافهاً ضئيلاً كالنملة نفسها واتقان الذرة لايعّد شيئاً كالذرة نفسها، بمعنى ان كل شئ يسقط معنىً كما يسقط مادة ايضاً بحيث لاتُشترى الدنيا عندئذٍ بشروى نقير.
فما دامت الحقيقة هي هذه، وان كل شئ في غاية النفاسة والابداع والقوة والمغزى العميق كما هو مشاهد، فلاريب انه لاطريق غير طريق التوحيد، واذا ماوجد طريق غيره فيلزم تبديل الموجودات وافراغ الدنيا في العدم واملاؤها مجدداً بامور تافهة بدلاً منها، ليفتح طريقاً أمام الشرك ليسلكه!!
وها قد سمعت مجمل برهان واحد يخص التوحيد من مئات البراهين الموضحة في رسائل النور.

 المقتضى الثالث للتوحيد
ان الخلق في كل شئ، ولاسيما في الاحياء، هو في منتهى الابداع وغاية الاتقان. زد على ذلك، فالنوية الصغيرة نموذج الثمرة، والثمرة نموذج الشجرة، والشجرة نموذج النوع، والنوع نموذج الكون ومثاله

لايوجد صوت