ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 30
(1-49)

الجليلة علم محيط بكل شئ، وقدرة مهيمنة على كل شئ.
لذا فان اعطاء وجود خارجي للاشياء التي صورتها ووجودها العلمي في علمه سبحانه، واخراجها من عدم ظاهري، امر سهل جداً، لاأسهل منه، كسهولة امرار مادة كيمياوية على كتابة مخفية، لأجل اظهارها، او نقل الصورة من عدسة الكاميرا الى الورق الحساس. وهكذا الاشياء التي تصاميمها وبرامجها ومقاديرها المعنوية موجودة في علم الصانع الجليل يخرجها جلّ وعلا بأمر كن فيكون من عدم ظاهري الى وجود خارجي.
أما إن كان الخلق انشاءً وتركيباً، وليس من العدم، فان جمعه من العناصر والموجودات هو الآخر سهل جداً، إذ كما ان اجتماع الجنود المتفرقين المنتمين لطابور معين، بصوت من بوق، وأخذ كل منهم وضعاً منتظماً، أمر سهل، وان الجنود كلهم يكونون بمثابة قوة ساندة لقائدهم وقانونه النافذ وعينه الباصرة لأجل تسهيل عملية السوق العسكري والحفاظ على وضع معين.
كذلك تساق الذرات المنضوية تحت قيادة رب العالمين بدساتير قدره وعلمه وبقوانين قدرته المهيمنة وتصبح الموجودات التي لها مساس مع تلك الذرات بمثابة قوة ذلك السلطان وقانونه وموظفيه وسائل تسهيل وتيسير. فتأتي تلك الذرات لتشكيل وجود كائن حي، فتدخل ضمن مقدار معين كقالب معنوي علمي وقدري، وتقف هناك.
ولكن اذا اُسند خلق الاشياء الى أيدٍ متفرقة عديدة، والى امثال الاسباب والطبيعة. فان اي سبب كان لايقدر على ايجاد شئ من العدم ومن اية جهة كانت، وهذا مايتفق عليه جميع اهل العقل. لأن ذلك السبب لايملك علماً محيطاً بكل شئ ولاقدرة مهيمنة على كل شئ؛ لذا لايكون ذلك العدم عدماً ظاهرياً وخارجياً وحده بل يكون ايضاً عدماً مطلقاً. والعدم المطلق لايكون قطعاً منشأً لوجود، لذا لابد أن يُركّب.

لايوجد صوت