ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 36
(1-49)

وجود الانتظام الاكمل بلا خلل والانسجام الأجمل بلا نقص والميزان العدل الذي لايظلم قطعاً، في كل شئ في الكون ابتداءً من الذرات الى المجرات.
نعم، لايكون الانتظام البديع والميزان الدقيق الاّ بالوحدة والتوحيد، لأن الايدي المتعددة اذا ماتدخلت في فعل واحد فانها تفسده.
فتعال تأمل في هيبة هذا الانتظام البديع الذي جعل هذا الكون على هيئة قصر عظيم فخم، في كل حجر من احجاره صنعة القصر بكامله.. وجعله مدينة رائعة التنسيق والنظام بحيث تصرف صادراتها غير المحدودة وتأتي وارداتها غير المعدودة واموالها الثمينة وارزاقها المتنوعة بانتظام كامل من وراء ستار الغيب، كلٌ في وقته المناسب، ومن حيث لايحتسب.. وجعله كتاباً معجزاً بليغا بحيث أن كل حرف فيه يفيد معاني مائة سطر وكل سطر فيه يعبّر عن معاني مائة صحيفة، وكل صحيفة فيه تبين معاني مائة باب، وكل باب فيه تفصح عن معاني مائة كتاب. فضلاً عن أن كلاً من ابوابه وصحائفه وسطوره وكلماته وحروفه يشير الواحدُ الى الآخر ويدلّ عليه.
وتعال تأمل في كمال التنظيم ضمن هذا الانتظام العجيب، الذي جعل الكون كله نظيفاً انيقاً طاهراً كأنه مدينة رائعة في النظافة والنقاء، بل كأنه قصر بديع يعتنى بنظافته وأناقته غاية العناية، بل كأنه حورية من حور الجنة لبست سبعين حلة من الحلل المزينة الجميلة. بل زهرة لطيفة مغلفة بسبعين ورقة من اوراقها الملونة الزاهية.
وتعال تأمل في كمال عدالة هذا الميزان ضمن هذا الانتظام والنظافة بحيث يوزن كل شئ بذلك الميزان؛ فالمخلوقات والحيوانات الدقيقة التي لاترى الاّ بعد تكبيرها الف مرة، وكذا النجوم والشموس التي هي أكبر من الارض بألف مرة، يوزن كل منها بذلك الميزان ويكال بمكياله، فتعطى لتلك المخلوقات كل ما يلزمها من حاجيات من غير نقص وقصور حتى تتساوى أمام ذلك الميزان، ميزان العدالة، تلك المخلوقات الصغيرة جداً مع تلك المصنوعات الخارقة في

لايوجد صوت