ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الثاني | 37
(1-49)

الضخامة. علماً أن منها ما له تأثير عظيم الى حد تختل موازنة العالم بفقد موازنته لثانية واحدة، ولربما تؤدي الى انفلاق القيامة.
وتعال تأمل في هذا الجمال الزاهي والحسن الباهر ضمن هذا الانتظام والنظافة والميزان، بحيث جعل هذا الكون العظيم على صورة مهرجان في منتهى الجمال والبهجة، وعلى صورة معرض بديع في منتهى الزينة والروعة، وعلى صورة ربيع زاه تفتحت ازاهيره تواً. وجمّل الربيع كزهرة عظيمة واسعة تغطي وجه الارض بمئات الالوف من ازاهيره الجميلة، وكل زهرة منها في اروع زينة وابدع جمال. بل جعله كسندانة زاهية وباقة زهر لطيفة امامنا.
نعم، ان كل نوع من انواع الكائنات، بل حتى كل فرد من افرادها قد نال حسب قابليته حظاً من جمال الاسماء الإلهية الحسنى التي لامنتهى لجمالها. حتى دفع حجة الاسلام الامام الغزالي(1) الى القول: ((ليس في الامكان ابدع مما كان)) اي، ليس في دائرة الإمكان أبدع وأجمل من هذه المكوّنات.
وهكذا فهذا الحسن المحيط الجاذب، وهذه النظافة العامة الخارقة، وهذا الميزان الحساس المهيمن الشامل، وهذا الانتظام والانسجام المعجز المحيط بكل شئ، حجة قاطعة على الوحدانية وعلامة واضحة على التوحيد، أسطع من ضوء الشمس في رابعة النهار. 
(1) الامام الغزالي: (450 - 505 هـ) ابو حامد محمد بن محمد بن محمد بن احمد الغزالي، فقيه ومتكلم وفيلسوف وصوفي ومصلح ديني واجتماعي، وصاحب رسالة روحية، كان لها اثرها في الحياة الاسلامية. ولد بطوس من اعمال خراسان، ودرس علوم الفقهاء وعلم الكلام على امام الحرمين، وعلوم الفلاسفة وبخاصة الفارابي وابن سينا وعلوم الباطنية، فلم يجد في هذه العلوم مايشبع حاجة عقله الى اليقين ولا ما يرضي رغبة قلبه في السعادة واشتغل بالتدريس في المدرسة النظامية وارتحل الى بلاد كثيرة منها دمشق وبيت المقدس والقاهرة والاسكندرية ومكة والمدينة. ومن مصنفاته (احياء علوم الدين) و (تهافت الفلاسفة) و (المنقذ من الضلال). - المترجم.

لايوجد صوت