بمعنى أن ما يشاهد من الاكرام بالانعام واذاقة اللذة، وراء التعريف والتودد الظاهرين ظهور الشمس، انما ينبعان من ارادة شفقة في منتهى الاصالة والرسوخ، ومن رغبة في الرحمة في منتهى القوة والسعة.
فوجود مثل هذه الارادة القوية الاصيلة في الشفقة والرحمة في مَن هو مستغنٍ مطلق، اي لاحاجة له الى اي شئ كان ابداً، دليل على أنه يملك جمالاً سرمدياً في منتهى الكمال، وحسناً ازلياً لايزول ابداً، وجمالاً لامثيل له على الاطلاق ولاشبيه، هذا الجمال السرمدي الخالد، من مقتضى ماهيته انه يريد الشهود والاشهاد في المرايا، ومن شأن حقيقته أنه يريد الظهور والبروز حتى اتخذ صورة الرحمة والشفقة، لأجل اراءة نفسه ورؤيته في المرايا المختلفة، واتخذ صورة الانعام والاحسان في المرايا ذات المشاعر،ثم تقلّد وضع التحبب والتودّد والتعرف، ثم اعطى النور، نور التجميل، وضياء التزيين الى الكائنات طراً.
ان وجود عشق إلهي شديد ومحبة ربانية قوية لدى مَن لايحصيهم العد من بنى الانسان ولاسيما في طبقته العليا، على الرغم من اختلاف مسالكهم، يشير - بالبداهة - الى جمال لامثيل له بل يشهد له شهادة قاطعة.
نعم! ان مثل هذا العشق يصوب نظره الى مثل هذا الجمال ويقتضيه، وان مثل هذه المحبة تتطلب مثل هذا الحسن. بل ان ما في جميع الموجودات من حمد وثناء عام سواءً بلسان الحال او المقال، انما يتوجه الى ذلك الحسن الازلي ويصعد اليه.
بل ان جميع الانجذابات والاشواق والجاذبات والجواذب الموجودة في الكون كله والحقائق الجذابة انما هي اشارات الى حقيقة جاذبة ابدية ازلية وان دوران الاجرام العلوية والسفلية وحركاتها التي تؤديها كالمريد المولوي العاشق الذي ينهض للسماع، انما هو مقابلة