البرهان الثالث: له ثلاث نكات:
النكتة الاولى:
وهي الحقيقة المذكورة في (الموقف الثالث من الكلمة الثانية والثلاثين) والتي جاءت فيه بتفصيل جميل للغاية مع حجج قوية دامغة. نحيل تفاصيلها الى تلك الرسالة مشيرين هنا اشارات مختصرة اليها على النحو الآتي:
اننا ننظر الى هذه المصنوعات ولاسيما الحيوانات والنباتات الماثلة امامنا، فنرى ان تزييناً دائماً وتجميلاً لطيفاً وتنظيماً دقيقاً - لايمكن احالته على المصادفة - يهيمن عليها، مما يبيّن القصد والارادة ويُشعر بالعلم والحكمة.
ويشاهد كذلك ان في كل شئ صنعة متقنة وحكمة دقيقة وزينة رفيعة وترتيباً ذا شفقة ووضعاً حلواً، لاستجلاب الاعجاب الى الصنعة، ولفت الانظار اليها، وارضاء المشاهدين. مما يفهم بداهة ان وراء حجاب الغيب صانعاً بديعاً يريد أن يعرّف نفسه الى ذوي الشعور، ويحبّب نفسه اليهم ويسوقهم الى الثناء عليه بابراز كثير من ابداعاته وكمالاته في كل صنعة من مصنوعاته.
وكذا يشاهد أنه سبحانه يُحسن اليهم بأنواع من النعم الطيبة اللذيذة، يحسنها اليهم من حيث لم يحتسبوا - مما لايمكن حمله على المصادفة - ليجعل اولئك الشاعرين في امتنان ورضى عنه واودّاء له.
وكذا يشاهد، معاملة معرفة حميمة معنوية، مكللة بالكرم، ويسمع مكالمة ومخاطبة بلسان الحال ينم عن الود والمحبة، واستجابة وقبول للادعية، استجابة تتسم بالرحمة.. مما يشعر شفقة عميقة جداً ورحمة رفيعة جداً.