ذات عشق في اداء الوظيفة تجاه الظهور المهيمن للجمال المقدس لتلك الحقيقة الجاذبة. كما هو لدى بعض العاشقين امثال شمس التبريزي(1).
النكتة الثالثة:
لقد اجمع اهل التحقيق: ان الوجود خير محض ونور، وان العدم شر محض وظلام واتفق ائمة اهل القلب والعقل على ان جميع الخيرات والحسنات والمحاسن واللذائذ- نتيجة التحليل - ناشئة من الوجود، وان جميع المفاسد والشرور والمصائب والآلام - حتى المعاصي - راجعة الى العدم.
ان قلت:
كيف يكون الوجود منبع جميع المحاسن، وفي الوجود كفر وانانية النفس ؟
الجواب: اما الكفر، فلانه انكار لحقائق الايمان ونفي لها، فهو عدم. واما وجود الانانية فهو عدم، الاّ أنه اصطبغ بصبغة الوجود واتخذ صورته حيث أنه تصوّر الموهوم حقيقةً واقعة، وتمّلك غيرحقيقي وجهل الانانية كونها مرآة ليس الاّ.
فما دام منبع جميع انواع الجمال هو الوجود ومنبع جميع انواع القبائح هو العدم، فلاشك ان أقوى وجود واعلاه وأسطعه وأبعده عن العدم، هو وجود واجبٍ ازلي وابدي. وهو يتطلب اقوى جمالاً واعلاه وأسطعه وأبعده عن القصور، بل يعبّر عن مثل هذا الجمال، بل يكون هذا الجمال، اذ كما تستلزم الشمس الضياء المحيط بها يستلزم الواجب الوجود جمالاً سرمدياً ايضاً، فينور به.
الحمد لله على نعمة الايمان
﴿ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا﴾
(1) هو شمس الدين بن علي بن ملك داد التبريزي، الصوفي، المتخلص بشمس صاحب جلال الدين الرومي، المتوفي سنة 645هـ. له ديوان شعره، فارسي. (هدية العارفين 2/123 وقاموس الاعلام 4/2872). المترجم.